حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: ثنا أنس بن مالك، أن نبي الله (ص) كان يقول: يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له: أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا، أكنت مفتديا به؟ فيقول نعم، قال: فيقال لقد سئلت ما هو أيسر من ذلك، فذلك قوله: * (إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به) *.
حدثني محمد بن سنان، قال: ثنا أبو بكر الحنفي، قال: ثنا عباد، عن الحسن، قوله: * (إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا) * قال: هو كل كافر.
ونصب قوله ذهبا على الخروج من المقدار الذي قبله والتفسير منه، وهو قوله:
ملء الأرض، كقول القائل: عندي قدر زق سمنا وقدر رطل عسلا، فالعسل مبين به ما ذكر من المقدار، وهو نكرة منصوبة على التفسير للمقدار والخروج منه.
وأما نحويو البصرة، فإنهم زعموا أنه نصب الذهب لاشتغال الملء بالأرض، ومجئ الذهب بعدهما، فصار نصبها نظير نصب الحال، وذلك أن الحال يجئ بعد فعل قد شغل بفاعله فينصب، كما ينصب المفعول الذي يأتي بعد الفعل الذي قد شغل بفاعله، قالوا:
ونظير قوله: * (ملء الأرض ذهبا) * في نصب الذهب في الكلام: لي مثلك رجلا، بمعنى:
لي مثلك من الرجال. وزعموا أن نصب الرجل لاشتغال الإضافة بالاسم، فنصب كما ينصب المفعول به لاشتغال الفعل بالفاعل، وأدخلت الواو في قوله: * (ولو افتدى به) * لمحذوف من الكلام بعده دل عليه دخول الواو، كالواو في قوله: * (وليكون من الموقنين) *. وتأويل الكلام: وليكون من الموقنين، أريناه ملكوت السماوات والأرض، فكذلك ذلك في قوله: * (ولو افتدى به) *، ولو لم يكن في الكلام واو، لكان الكلام صحيحا، ولم يكن هنالك متروك وكان: فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا لو افتدى به. القول في تأويل قوله تعالى:
* (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شئ فإن الله به عليم) *