الله في شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير) * وهذا نهي من الله عز وجل المؤمنين أن يتخذوا الكفار أعوانا وأنصارا وظهورا، ولذلك كسر يتخذ لأنه في موضع جزم بالنهي، ولكنه كسر الذال منه للساكن الذي لقيه وهي ساكنة. ومعنى ذلك: لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهرا وأنصارا، توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلونهم على عوراتهم، فإنه من يفعل ذلك فليس من الله في شئ، يعني بذلك، فقد برئ من الله، وبرئ الله منه بارتداده عن دينه، ودخوله في الكفر، إلا أن تتقوا منهم تقاة، إلا أن تكونوا في سلطانهم، فتخافوهم على أنفسكم، فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم، وتضمروا لهم العداوة، ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر، ولا تعينوهم على مسلم بفعل. كما:
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي، عن ابن عباس قوله: * (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين) * قال: نهى الله سبحانه المؤمنين أن يلاطفوا الكفار، أو يتخذوهم وليجة من دون المؤمنين، إلا أن يكون الكفار عليهم ظاهرين، فيظهرون لهم اللطف، ويخالفونهم في الدين. وذلك قوله: * (إلا أن تتقوا منهم تقاة) * حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني محمد بن إسحاق، قال: ثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان الحجاج بن عمرو حليف كعب بن الأشرف وابن أبي الحقيق، وقيس بن زيد، قد بطنوا بنفر من الأنصار ليفتنوهم عن دينهم. فقال رفاعة بن المنذر بن زبير وعبد الله بن جبير وسعد بن خيثمة لأولئك النفر: اجتنبوا هؤلاء اليهود، واحذروا لزومهم ومباطنتهم، لا يفتنوكم عن دينكم، فأبى أولئك النفر إلا مباطنتهم ولزومهم، فأنزل الله عز وجل: * (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين) *... إلى قوله: * (والله على كل شئ قدير) *.