ولا أنهم يعظمونه، فيكون قوله: * (إن كنتم تحبون الله فاتبعوني) * جوابا لقولهم على ما قاله الحسن.
وأما ما روى الحسن في ذلك مما قد ذكرناه، فلا خبر به عندنا يصح، فيجوز أن يقال: إن ذلك كذلك، وإن لم يكن في السورة دلالة على أنه كما قال إلا أن يكون الحسن أراد بالقوم الذين ذكر أنهم قالوا ذلك على عهد رسول الله (ص) وفد نجران من النصارى، فيكون ذلك من قوله نظير إخبارنا، فإذا لم يكن بذلك خبر على ما قلنا، ولا في الآية دليل على ما وصفنا، فأولى الأمور بنا أن نلحق تأويله بالذي عليه الدلالة من آي السورة، وذلك هو ما وصفنا، لان ما قبل هذه الآية من مبتدأ هذه السورة وما بعدها خبر عنهم، واحتجاج من الله لنبيه محمد (ص)، ودليل على بطول قولهم في المسيح، فالواجب أن تكون هي أيضا مصروفة المعنى إلى نحو ما قبلها، ومعنى ما بعدها.
فإذ كان الامر على ما وصفنا، فتأويل الآية: قل يا محمد للوفد من نصارى نجران:
إن كنتم تزعمون أنكم تحبون الله، وأنكم تعظمون المسيح وتقولون فيه ما تقولون، حبا منكم ربكم، فحققوا قولكم الذي تقولونه، إن كنتم صادقين باتباعكم إياي، فإنكم تعلمون أني لله رسول إليكم، كما كان عيسى رسولا إلى من أرسل إليه، فإنه إن اتبعتموني وصدقتموني على ما أتيتكم به من عند الله، يغفر لكم ذنوبكم، فيصفح لكم عن العقوبة عليها ويعفو لكم عما مضى منها، فإنه غفور لذنوب عباده المؤمنين رحيم بهم وبغيرهم من خلقه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين) * يعني بذلك جل ثناؤه: قل يا محمد لهؤلاء الوفد من نصارى نجران: أطيعوا الله والرسول محمدا، فإنكم قد علمتم يقينا أنه رسولي إلى خلقي ابتعثته بالحق تجدونه مكتوبا عندكم في الإنجيل، * (فإن تولوا) * فاستدبروا عما دعوتهم إليه من ذلك، وأعرضوا عنه، فأعلمهم أن الله لا يحب من كفر بجحد ما عرف من الحق، وأنكره بعد علمه، وأنهم منهم بجحودهم نبوتك وإنكارهم الحق الذي أنت عليه بعد علمهم بصحة أمرك وحقيقة نبوتك.
كما:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن