عليه منها ولا من أعمالكم فيها وفي غيرها شئ يعلم من المنفق منكم بالمن والأذى والمنفق ابتغاء مرضاة الله، وتثبيتا من نفسه، فيحصي عليكم حتى يجازي جميعكم جزاءه على عمله، إن خيرا فخيرا، وإن شرا فشرا.
وإنما يعني بهذا القول جل ذكره، التحذير من عقابه في النفقات التي ينفقها عباده، وغير ذلك من الأعمال أن يأتي أحد من خلقه ما قد تقدم فيه بالنهي عنه، أو يفرط فيما قد أمر به، لان ذلك بمرأى من الله ومسمع، يعلمه ويحصيه عليهم، وهو بخلقه بالمرصاد.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون) * يعني تعالى ذكره * (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شئ مما كسبوا) * * (أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر) *... الآية.
(ومعنى قوله: * (أيود أحدكم) * أيحب أحدكم أن تكون له جنة - يعني بستانا من نخيل وأعناب - تجري من تحتها الأنهار - يعني من تحت الجنة - وله فيها من كل الثمرات. والهاء في قوله: * (له) * عائدة على أحد، والهاء والألف في: * (فيها) * على الجنة، * (وأصابه) * يعني وأصاب أحدكم الكبر، * (وله ذرية ضعفاء) *. وإنما جعل جل ثناؤه البستان من النخيل والأعناب، الذي قال جل ثناؤه لعباده المؤمنين: أيود أحدكم أن تكون له مثلا لنفقة المنافق التي ينفقها رياء الناس، لا ابتغاء مرضاة الله، فالناس بما يظهر لهم من صدقته، وإعطائه لما يعطى وعمله الظاهر، يثنون عليه ويحمدونه بعمله ذلك أيام حياته في حسنه كحسن البستان وهي الجنة التي ضربها الله عز وجل لعمله مثلا من نخيل وأعناب، له فيها من كل الثمرات، لان عمله ذلك الذي يعمله في الظاهر في الدنيا، له فيه من كل خير من عاجل الدنيا، يدفع به عن نفسه ودمه وماله وذريته، ويكتسب به المحمدة وحسن الثناء عند الناس، ويأخذ به سهمه من المغنم مع أشياء كثيرة يكثر إحصاؤها، فله في ذلك من كل خير في الدنيا، كما