عندي فتنجيهم شفاعته لهم من عقابي، وهذا يومئذ فعلي بهم جزاء لهم على كفرهم، وهم الظالمون أنفسهم دوني، لأني غير ظلام لعبيدي. وقد:
حدثني محمد بن عبد الرحيم، قال: ثني عمرو بن أبي سلمة، قال: سمعت عمر بن سليمان، يحدث عن عطاء بن دينار أنه قال: الحمد لله الذي قال: * (والكافرون هم الظالمون) * ولم يقل: الظالمون هم الكافرون.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم) * قد دللنا فيما مضى على تأويل قوله: الله.
وأما تأويل قوله: * (لا إله إلا هو) * فإن معناه: النهي عن أن يعبد شئ غير الله الحي القيوم الذي صفته ما وصف به نفسه تعالى ذكره في هذه الآية. يقول: الله الذي له عبادة الخلق الحي القيوم، لا إله سواه، لا معبود سواه، يعني: ولا تعبدوا شيئا سواه الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، والذي صفته ما وصف في هذه الآية. وهذه الآية إبانة من الله تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله عما جاءت به المختلفين في البينات من بعد الرسل الذين أخبرنا تعالى ذكره أنه فضل بعضهم على بعض، واختلفوا فيه، فاقتتلوا فيه كفرا به من بعض، وإيمانا به من بعض. فالحمد لله الذي هدانا للتصديق به ووفقنا للاقرار به.
وأما قوله: * (الحي) * فإنه يعني: الذي له الحياة الدائمة، والبقاء الذي لا أول له يحد، ولا آخر له يؤمد، إذ كان كل ما سواه فإنه وإن كان حيا فلحياته أول محدود وآخر مأمود، ينقطع بانقطاع أمدها وينقضي بانقضاء غايتها.