وقد قيل: إن هذه الآيات من قوله: * (إن تبدوا الصدقات فنعما هي) * إلى قوله: * (ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) * كان مما يعمل به قبل نزول ما في سورة براءة من تفصيل الزكوات، فلما نزلت براءة قصروا عليها. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: * (إن تبدوا الصدقات فنعما هي) * إلى قوله: * (ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) * فكان هذا يعمل به قبل أن تنزل براءة، فلما نزلت براءة بفرائض الصدقات وتفصيلها انتهت الصدقات إليها.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) * يعني بذلك جل ثناؤه: الذين يربون، والارباء: الزيادة على الشئ، يقال منه: أربى فلان على فلان إذا زاد عليه يربي إرباء، والزيادة هي الربا، وربا الشئ: إذا زاد على ما كان عليه فعظم، فهو يربو ربوا. وإنما قيل للرابية لزيادتها في العظم والاشراف على ما استوى من الأرض مما حولها من قولهم ربا يربو، ومن ذلك قيل: فلان في ربا قومه يراد أنه في رفعة وشرف منهم، فأصل الربا الإنافة والزيادة، ثم يقال: أربى فلان: أي أناف صيره زائدا. وإنما قيل للمربي مريب لتضعيفه المال الذي كان له على غريمه حالا، أو لزيادته عليه فيه، لسبب الاجل الذي يؤخره إليه، فيزيده إلى أجله الذي كان له قبل حل دينه عليه، ولذلك قال جل ثناؤه: * (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة) *.