حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: أفغير دين الله تبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها قال: عبادتهم لي أجمعين طوعا وكرها، وهو قوله: * (ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها) *.
وأما قوله: وإليه ترجعون فإنه يعني: وإليه يا معشر من يبتغي غير الاسلام دينا من اليهود والنصارى! وسائر الناس. ترجعون يقول: إليه تصيرون بعد مماتكم، فمجازيكم بأعمالكم، المحسن منكم بإحسانه، والمسئ بإساءته. وهذا من الله عز وجل تحذير خلقه أن يرجع إليه أحد منهم، فيصير إليه بعد وفاته على غير ملة الاسلام. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون) * يعني بذلك جل ثناؤه: أفغير دين الله تبغون يا معشر اليهود، وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها، وإليه ترجعون، فإن ابتغوا غير دين الله يا محمد، فقل لهم: آمنا بالله. فترك ذكر قوله: فإن قالوا نعم، وذكر قوله: فإن ابتغوا غير دين الله، لدلالة ما ظهر من الكلام عليه.
وقوله: * (قل آمنا بالله) * يعني به: قل لهم يا محمد: صدقنا بالله أنه ربنا وإلهنا، لا إله غيره، ولا نعبد أحدا سواه، * (وما أنزل علينا) * يقول: وقل: وصدقنا أيضا بما أنزل علينا من وحيه وتنزيله، فأقررنا به، * (وما أنزل على إبراهيم) * يقول: وصدقنا أيضا بما أنزل على إبراهيم خليل الله، * (و) * على ابنيه * (إسماعيل وإسحاق) * وابن ابنه * (يعقوب) * وبما أنزل على الأسباط، وهم ولد يعقوب الاثنا عشر، وقد بينا أسماءهم بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. * (وما أوتي موسى وعيسى) * يقول: وصدقنا أيضا مع ذلك بالذي أنزل الله على موسى وعيسى من الكتب والوحي، وبما أنزل على النبيين من عنده. والذي آتي الله موسى وعيسى، مما أمر الله عز وجل محمدا بتصديقهما فيه والايمان به التوراة التي آتاها موسى،