يعني بذلك جل ثناؤه: إن الله لا يخفى عليه شئ وهو في الأرض ولا شئ وهو في السماء. يقول: فيكف يخفى علي يا محمد، وأنا علام جميع الأشياء، ما يضاهى به هؤلاء الذين يجادلونك في آيات الله من نصارى نجران في عيسى ابن مريم في مقالتهم التي يقولونها فيه؟ كما:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: * (إن الله لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء) * أي قد علم ما يريدون وما يكيدون وما يضاهون بقولهم في عيسى إذ جعلوه ربا وإلها، وعندهم من علمه غير ذلك، غرة بالله وكفرا به.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم) * يعني بذلك جل ثناؤه: الله الذي يصوركم فيجعلكم صورا أشباحا في أرحام أمهاتكم كيف شاء وأحب، فيجعل هذا ذكرا وهذا أنثى، وهذا أسود وهذا أحمر. يعرف عباده بذلك أن جميع من اشتملت عليه أرحام النساء ممن صوره وخلقه كيف شاء، وأن عيسى ابن مريم ممن صوره في رحم أمه وخلقه فيها كيف شاء وأحب، وأنه لو كان إلها لم يكن ممن اشتملت عليه رحم أمه، لان خلاق ما في الأرحام لا تكون الأرحام عليه مشتملة، وإنما تشتمل على المخلوقين. كما:
حدثني ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: * (هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء) * قد كان عيسى ممن صور في الأرحام، لا يدفعون ذلك، ولا ينكرونه، كما صور غيره من بني آدم، فكيف يكون إلها وقد كان بذلك المنزل؟
حدثنا المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: * (هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء) * أي أنه صور عيسى في الرحم كيف شاء.