الأنهار) * يعني به: من تحت الأشجار، وأن الخلود فيها دوام البقاء فيها، وأن الأزواج المطهرة: هن نساء الجنة اللواتي طهرن من كل أذى يكون بنساء أهل الدنيا من الحيض والمني والبول والنفاس وما أشبه ذلك من الأذى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله: * (ورضوان من الله) * يعني: ورضا الله، وهو مصدر من قول القائل: رضي الله عن فلان، فهو يرضى عنه رضا منقوص، ورضوانا ورضوانا ومرضاة. فأما الرضوان بضم الراء فهو لغة قيس، وبه كان عاصم يقرأ. وإنما ذكر الله جل ثناؤه فيما ذكر للذين اتقوا عنده من الخير: رضوانه، لان رضوانه أعلى منازل كرامة أهل الجنة. كما:
حدثنا ابن بشار، قال: ثني أبو أحمد الزبيري، قال: ثنا سفيان، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال الله تبارك وتعالى: أعطيكم أفضل من هذا! فيقولون: أي ربنا أي شئ أفضل من هذا؟ قال:
رضواني.
وقوله: * (والله بصير بالعباد) * يعني بذلك، والله ذو بصر بالذي يتقيه من عباده، فيخافه فيطيعه، ويؤثر ما عنده مما ذكر أنه أعده للذين اتقوه على حب ما زين له في عاجل الدنيا من شهوات النساء والبنين وسائر ما عدد منها تعالى ذكره، وبالذي لا يتقيه فيخافه، ولكنه يعصيه، ويطيع الشيطان، ويؤثر ما زين له في الدنيا من حب شهوة النساء والبنين والأموال، على ما عنده من النعيم المقيم، عالم تعالى ذكره بكل فريق منهم، حتى يجازي كلهم عند معادهم إليه جزاءهم، المحسن بإحسانه، والمسئ بإساءته. القول في تأويل قوله تعالى:
* (الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار) * ومعنى ذلك: قل هل أنبئكم بخير من ذلكم؟ للذين اتقوا يقولون ربنا إننا آمنا، فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار. وقد يحتمل الذين يقولون وجهين من الاعراب: الخفض على الرد على الذين الأولى، والرفع على الابتداء، إذ كان في مبتدأ آية أخرى غير التي فيها الذين الأولى، فيكون رفعها نظير قول الله عز وجل: * (إن الله اشترى من المؤمنين