علم) *: أما الذي لهم به علم: فما حرم عليهم وما أمروا به، وأما الذي ليس لهم به علم:
فشأن إبراهيم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: * (ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم) * يقول: فيما شهدتم ورأيتم وعاينتم، * (فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم) * فيما لم تشاهدوا ولم تروا ولم تعاينوا، والله يعلم وأنتم لا تعلمون.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، مثله.
وقوله: * (والله يعلم وأنتم لا تعلمون) * يقول: والله يعلم ما غاب عنكم فلم تشاهدوه ولم تروه ولم تأتكم به رسله من أمر إبراهيم وغيره من الأمور، ومما تجادلون فيه، لأنه لا يغيب عنه شئ، ولا يعزب عنه علم شئ في السماوات ولا في الأرض، وأنتم لا تعلمون من ذلك إلا ما عاينتم فشاهدتم، أو أدركتم علمه بالاخبار والسماع. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين) * وهذا تكذيب من الله عز وجل دعوى الذين جادلوا في إبراهيم وملته من اليهود والنصارى، وادعوا أنه كان على ملتهم، وتبرئة لهم منه، وأنهم لدينه مخالفون، وقضاء منه عز وجل لأهل الاسلام، ولأمة محمد (ص) أنهم هم أهل دينه، وعلى منهاجه وشرائعه دون سائر أهل الملل والأديان غيرهم. يقول الله عز وجل * (ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين) * الذين يعبدون الأصنام والأوثان، أو مخلوقا دون خالقه، الذي هو إله الخلق وبارئهم، * (ولكن كان حنيفا) * يعني: متبعا أمر الله وطاعته، مستقيما على محجة الهدى التي أمر بلزومها، * (مسلما) * يعني: خاشعا لله بقلبه، متذللا له بجوارحه، مذعنا لما فرض عليه وألزمه من أحكامه.
وقد بينا اختلاف أهل التأويل في معنى الحنيف فيما مضى، ودللنا على القول