* (لا إله إلا هو العزيز الحكيم) * قال: العزيز في نصرته ممن كفر به إذا شاء، والحكيم في عذره وحجته إلى عباده.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: * (لا إله إلا هو العزيز الحكيم) * يقول: عزيز في نقمته، حكيم في أمره.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب) * يعني بقوله جل ثناؤه: * (هو الذي أنزل عليك الكتاب) * أن الله الذي لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء، * (هو الذي أنزل عليك الكتاب) * يعني بالكتاب: القرآن.
وقد أتينا على البيان فيما مضى عن السبب الذي من أجله سمي القرآن كتابا بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وأما قوله: * (منه آيات محكمات) * فإنه يعني من الكتاب آيات، يعني بالآيات آيات القرآن.
وأما المحكمات: فإنهن اللواتي قد أحكمن بالبيان والتفصيل، وأثبتت حججهن وأدلتهن على ما جعلن أدلة عليه من حلال وحرام، ووعد ووعيد، وثواب وعقاب، وأمر وزجر، وخبر ومثل، وعظة وعبر، وما أشبه ذلك. ثم وصف جل ثناؤه هؤلاء الآيات المحكمات بأنهن هن أم الكتاب، يعني بذلك أنهن أصل الكتاب الذي فيه عماد الدين والفرائض والحدود، وسائر ما بالخلق إليه الحاجة من أمر دينهم، وما كلفوا من الفرائض في عاجلهم وآجلهم. وإنما سماهن أم الكتاب، لأنهن معظم الكتاب، وموضع مفزع أهله عند الحاجة إليه، وكذلك تفعل العرب، تسمي الجامع معظم الشئ أما له، فتسمي راية القوم التي تجمعهم في العساكر أمهم، والمدبر معظم أمر القرية والبلدة أمها. وقد بينا ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته. ووحد أم الكتاب، ولم يجمع فيقول: هن أمهات الكتاب، وقد قال هن لأنه أراد جميع الآيات المحكمات أم الكتاب، لا أن كل آية منهن أم الكتاب،