العظام التي قال: * (أنى يحيي هذه الله بعد موتها) * كما نادى عظام نفسه، ثم أحياها الله كما أحياه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني بكر بن مضر، قال:
يزعمون في بعض الكتب أن الله أمات أرمياء مائة عام، ثم بعثه، فإذا حماره حي قائم على رباطه. قال: ورد الله إليه بصره وجعل الروح فيه قبل أن يبعث بثلاثين سنة، ثم نظر إلى بيت المقدس وكيف عمر وما حوله. قال: فيقولون والله أعلم: إنه الذي قال الله تعالى ذكره: * (أو كالذي مر على قرية وهي خاوية) *... الآية.
ومعنى الآية على تأويل هؤلاء: وانظر إلى حمارك، ولنجعلك آية للناس، وانظر إلى عظامك كيف ننشزها بعد بلاها، ثم نكسوها لحما، فنحييها بحياتك، فتعلم كيف يحيي الله القرى وأهلها بعد مماتها.
(وأولى الأقوال في هذه الآية بالصواب قول من قال: إن الله تعالى ذكره بعث قائل * (أنى يحيي هذه الله بعد موتها) * من مماته، ثم أراه نظير ما استنكر من إحياء الله القرية التي مر بها بعد مماتها عيانا من نفسه وطعامه وحماره، فجعل تعالى ذكره ما أراه من إحيائه نفسه وحماره مثلا لما استنكر من إحيائه أهل القرية التي مر بها خاوية على عروشها، وجعل ما أراه من العبرة في طعامه وشرابه عبرة له وحجة عليه في كيفية إحيائه منازل القرية وجنانها، وذلك هو معنى قول مجاهد الذي ذكرناه قبل.
وإنما قلنا ذلك أولى بتأويل الآية، لان قوله: * (وانظر إلى العظام) * إنما هو بمعنى:
وانظر إلى العظام التي تراها ببصرك كيف ننشزها، ثم نكسوها لحما، وقد كان حماره أدركه من البلى في قول أهل التأويل جميعا نظير الذي لحق عظام من خوطب بهذا الخطاب، فلم يمكن صرف معنى قوله: * (وانظر إلى العظام) * إلى أنه أمر له بالنظر إلى عظام الحمار دون عظام المأمور بالنظر إليها، ولا إلى أنه أمر له بالنظر إلى عظام نفسه دون عظام الحمار.
وإذا كان ذلك كذلك، وكان البلى قد لحق عظامه وعظام حماره، كان الأولى بالتأويل أن يكون الامر بالنظر إلى كل ما أدركه طرفه مما قد كان البلى لحقه لان الله تعالى ذكره جعل جميع ذلك عليه حجة وله عبرة وعظة.
القول في تأويل قوله تعالى: * (ولنجعلك آية للناس) *.
يعني تعالى ذكره بذلك: * (ولنجعلك آية للناس) * أمتناك مائة عام ثم بعثناك. وإنما