الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله) * وهذا قولهم الذي أصابوا به الفضل من ربهم، واشهد بأنا مسلمون، لا كما يقول هؤلاء الذين يحاجونك فيه، يعني وفد نصارى نجران.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين) * وهذا خبر من الله عز وجل عن الحواريين أنهم قالوا: * (ربنا آمنا) * أي صدقنا * (بما أنزلت) * يعني: بما أنزلت على نبيك عيسى من كتابك * (واتبعنا الرسول) * يعني بذلك:
صرنا أتباع عيسى على دينك الذي ابتعثته به وأعوانه، على الحق الذي أرسلته به إلى عبادك. وقوله: * (فاكتبنا مع الشاهدين) * يقول: فأثبت أسماءنا مع أسماء الذين شهدوا بالحق، وأقروا لك بالتوحيد، وصدقوا رسلك، واتبعوا أمرك ونهيك، فاجعلنا في عدادهم ومعهم فيما تكرمهم به من كرامتك، وأحلنا محلهم، ولا تجعلنا ممن كفر بك، وصد عن سبيلك، وخالف أمرك ونهيك، يعرف خلقه جل ثناؤه بذلك سبيل الذين رضي أقوالهم وأفعالهم، ليحتذوا طريقهم، ويتبعوا منهاجهم، فيصلوا إلى مثل الذي وصلوا إليه من درجات كرامته، ويكذب بذلك الذين انتحلوا من الملل غير الحنيفية المسلمة في دعواهم على أنبياء الله أنهم كانوا على غيرها، ويحتج به على الوفد الذين حاجوا رسول الله (ص) من أهل نجران بأنه قيل من رضي الله عنه من أتباع عيسى كان خلاف قيلهم، ومنهاجهم غير منهاجهم. كما:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: * (ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين) * أي هكذا كان قولهم وإيمانهم.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين) * يعني بذلك جل ثناؤه: ومكر الذين كفروا من بني إسرائيل، وهم الذين ذكر الله أن عيسى أحس منهم الكفر، وكان مكرهم الذي وصفهم الله به، مواطأة بعضهم بعضا على الفتك بعيسى وقتله، وذلك أن عيسى صلوات الله عليه بعد اخراج قومه إياه وأمه من بين أظهرهم عاد إليهم، فيما: