وقد قيل: إن الهاء والميم في قوله: * (من بعدهم) * من ذكر موسى وعيسى: ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: * (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات) * يقول: من بعد موسى وعيسى.
حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: * (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات) * يقول: من بعد موسى وعيسى.
القول في تأويل قوله تعالى: * (ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد) *.
يعني تعالى ذكره بذلك: ولكن اختلف هؤلاء الذين من بعد الرسل لما لم يشأ الله منهم تعالى ذكره أن لا يقتتلوا، فاقتتلوا من بعد ما جاءتهم البينات من عند ربهم بتحريم الاقتتال والاختلاف، وبعد ثبوت الحجة عليهم بوحدانية الله ورسالة رسله ووحي كتابه، فكفر بالله وبآياته بعضهم، وآمن بذلك بعضهم. فأخبر تعالى ذكره: أنهم أتوا ما أتوا من الكفر والمعاصي بعد علمهم بقيام الحجة عليهم بأنهم على خطأ، تعمدا منهم للكفر بالله وآياته. ثم قال تعالى ذكره لعباده: * (ولو شاء الله ما اقتتلوا) * يقول: ولو أراد الله أن يحجزهم بعصمته وتوفيقه إياهم عن معصيته فلا يقتتلوا ما اقتتلوا ولا اختلفوا، * (ولكن الله يفعل ما يريد) * بأن يوفق هذا لطاعته والايمان به فيؤمن به ويطيعه، ويخذل هذا فيكفر به ويعصيه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون) * يعني تعالى ذكره بذلك: يا أيها الذين آمنوا أنفقوا في سبيل الله مما رزقناكم من أموالكم، وتصدقوا منها، وآتوا منها الحقوق التي فرضناها عليكم. وكذلك كان ابن جريج يقول فيما بلغنا عنه.