* (إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم ئ فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين) * يعني بذلك جل ثناؤه: إن هذا الذي أنبأتك به يا محمد من أمر عيسى، فقصصته عليك من أنبائه، وأنه عبدي ورسولي، وكلمتي ألقيتها إلى مريم، وروح مني، * (لهو القصص) * والنبأ * (الحق) * فاعلم ذلك، واعلم أنه ليس للخلق معبود يستوجب عليهم العبادة بملكه إياهم إلا معبودك الذي تعبده وهو الله العزيز الحكيم.
ويعني بقوله * (العزيز) *: العزيز في انتقامه ممن عصاه، وخالف أمره، وادعى معه إلها غيره، أو عبد ربا سواه، * (الحكيم) * في تدبيره، لا يدخل ما دبره وهن ولا يلحقه خلل. * (فإن تولوا) * يعني فإن أدبر هؤلاء الذين حاجوك في عيسى عما جاءك من الحق من عند ربك في عيسى وغيره، من سائر ما آتاك الله من الهدى والبيان، فأعرضوا عنه، ولم يقبلوه، * (فإن الله عليم بالمفسدين) *، يقول: فإن الله ذو علم بالذين يعصون ربهم، ويعملون في أرضه وبلاده بما نهاهم عنه، وذلك هو إفسادهم، يقول تعالى ذكره: فهو عالم بهم وبأعمالهم، يحصيها عليهم ويحفظها حتى يجازيهم عليها جزاءهم.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل: ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: * (إن هذا لهو القصص الحق) * أي إن هذا الذي جئت به من الخبر عن عيسى، لهو القصص الحق من أمره.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج: * (إن هذا لهو القصص) *. إن هذا الذي قلنا في عيسى لهو القصص الحق.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: * (إن هذا لهو القصص الحق) * قال: إن هذا القصص الحق في عيسى، ما ينبغي لعيسى أن يتعدى هذا، ولا يجاوز أن يتعدى أن يكون كلمة الله ألقاها إلى مريم وروحا منه وعبد الله ورسوله.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: * (إن هذا لهو القصص الحق) *: إن هذا الذي قلنا في عيسى هو الحق * (وما من إله إلا الله) *. الآية.