حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: ثم إن عيسى سار بهم: يعني بالحواريين الذين كانوا يصطادون السمك فآمنوا به واتبعوه إذ دعاهم حتى أتى بني إسرائيل ليلا فصاح فيهم، فذلك قوله: * (فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة) *... الآية.
وأما مكر الله بهم فإنه فيما ذكر السدي: إلقاؤه شبه عيسى على بعض أتباعه، حتى قتله الماكرون بعيسى، وهم يحسبونه عيسى، وقد رفع الله عز وجل عيسى قبل ذلك. كما:
حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: ثم إن بني إسرائيل حصروا عيسى وتسعة عشر رجلا من الحواريين في بيت، فقال عيسى لأصحابه: من يأخذ صورتي فيقتل وله الجنة، فأخذها رجل منهم، وصعد بعيسى إلى السماء، فذلك قوله: * (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين) *. فلما خرج الحواريون أبصروهم تسعة عشر، فأخبروهم أن عيسى قد صعد به إلى السماء، فجعلوا يعدون القوم فيجدونهم ينقصون رجلا من العدة، ويرون صورة عيسى فيهم فشكوا فيه، وعلى ذلك قتلوا الرجل وهم يرون أنه عيسى، وصلبوه، فذلك قول الله عز وجل * (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم) *.
وقد يحتمل أن يكون معنى مكر الله بهم استدراجه إياهم ليبلغ الكتاب أجله، كما قد بينا ذلك في قول الله: * (الله يستهزئ بهم) *. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون) * يعني بذلك جل ثناؤه: ومكر الله بالقوم الذين حاولوا قتل عيسى مع كفرهم بالله، وتكذيبهم عيسى فيما أتاهم به من عند ربهم، إذ قال الله جل ثناؤه: * (إني متوفيك) * فإذ صلة من قوله: * (ومكر الله) * يعني: ومكر الله بهم حين قال الله لعيسى: * (إني متوفيك ورافعك إلي) * فتوفاه ورفعه إليه.