وقال آخرون: معنى ذلك: لم ينتن. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: * (لم يتسنه) * لم ينتن.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثني القاسم، قال: ثنا الحسن، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال:
قال مجاهد قوله: * (إلى طعامك) * قال: سل تين، * (وشرابك) * دن خمر، * (لم يتسنه) * يقول: لم ينتن.
وأحسب أن مجاهدا والربيع ومن قال في ذلك بقولهما رأوا أن قوله: * (لم يتسنه) * من قول الله تعالى ذكره: * (من حمإ مسنون) * بمعنى المتغير الريح بالنتن من قول القائل:
تسنن. وقد بينت الدلالة فيما مضى على أن ذلك ليس كذلك.
فإن ظن ظان أنه من الأسن من قول القائل: أسن هذا الماء يأسن أسنا، كما قال الله تعالى ذكره: * (فيها أنهار من ماء غير آسن) * فإن ذلك لو كان كذلك لكان الكلام: فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتأسن، ولم يكن يتسنه. فإنه منه، غير أنه ترك همزه، قيل: فإنه وإن ترك همزه فغير جائز تشديد نونه، لان النون غير مشددة، وهي في يتسنه مشددة، ولو نطق من يتأسن بترك الهمزة لقيل يتسن بتخفيف نونه بغير هاء تلحق فيه، ففي ذلك بيان واضح أنه غير جائز أن يكون من الأسن.
القول في تأويل قوله تعالى: * (وانظر إلى حمارك) *.
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: * (وانظر إلى حمارك) * فقال بعضهم: معنى ذلك: وانظر إلى إحيائي حمارك، وإلى عظامه كيف أنشزها ثم أكسوها لحما.
ثم اختلف متأولو ذلك في هذا التأويل، فقال بعضهم: قال الله تعالى ذكره ذلك له