وأما قوله: * (ثم ادعهن) * فإن معناه ما ذكرت آنفا عن مجاهد أنه قال: هو أنه أمر أن يقول لاجزاء الأطيار بعد تفريقهن على كل جبل تعالين بإذن الله.
فإن قال قائل: أمر إبراهيم أن يدعوهن وهن ممزقات أجزاء على رؤوس الجبال أمواتا، أم بعد ما أحيين؟ فإن كان أمر أن يدعوهن وهن ممزقات لا أرواح فيهن، فما وجه أمر من لا حياة فيه بالاقبال؟ وإن كان أمر بدعائهن بعد ما أحيين، فما كانت حاجة إبراهيم إلى دعائهن وقد أبصرهن ينشرن على رؤوس الجبال؟ قيل: إن أمر الله تعالى ذكره إبراهيم (ص) بدعائهن وهن أجزاء متفرقات إنما هو أمر تكوين، كقول الله للذين مسخهم قردة بعد ما كانوا إنسا: * (كونوا قردة خاسئين) * لا أمر عبادة، فيكون محالا إلا بعد وجود المأمور المتعبد.
(القول في تأويل قوله تعالى: * (واعلم أن الله عزيز حكيم) *.
يعني تعالى ذكره بذلك: واعلم يا إبراهيم أن الذي أحيى هذه الأطيار بعد تمزيقك إياهن، وتفريقك أجزاءهن على الجبال، فجمعهن ورد إليهن الروح، حتى أعادهن كهيئتهن قبل تفريقكهن، * (عزيز) * في بطشه إذا بطش بمن بطش من الجبابرة والمتكبرة الذين خالفوا أمره، وعصوا رسله، وعبدوا غيره، وفي نقمته حتى ينتقم منهم، * (حكيم) * في أمره.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثنا ابن إسحاق: * (واعلم أن الله عزيز حكيم) * قال: عزيز في بطشه، حكيم في أمره.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: * (واعلم أن الله عزيز) * في نقمته * (حكيم) * في أمره.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم) * وهذه الآية مردودة إلى قوله: * (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون) *. والآيات التي بعدها إلى قوله: * (مثل