يعني: من عدادهم وأوليائهم لان أهل الصلاح بعضهم من بعض في الدين والفضل. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) * يعني بذلك جل ثناؤه: قالت مريم - إذ قالت لها الملائكة: إن الله يبشرك بكلمة منه -: رب أنى يكون لي ولد: من أي وجه يكون لي ولد؟ أمن قبل زوج أتزوجه وبعل أنكحه؟ أو تبتدئ في خلقه من غير بعل ولا فحل، ومن غير أن يمسني بشر؟ فقال الله لها:
* (كذلك الله يخلق ما يشاء) * يعني: هكذا يخلق الله منك ولدا لك من غير أن يمسك بشر، فيجعله آية للناس وعبرة، فإنه يخلق ما يشاء، ويصنع ما يريد، فيعطي الولد من شاء من غير فحل ومن فحل، ويحرم ذلك من يشاء من النساء وإن كانت ذات بعل، لأنه لا يتعذر عليه خلق شئ أراد خلقه، إنما هو أن يأمر إذا أراد شيئا ما أراد، فيقول له كن فيكون ما شاء مما يشاء، وكيف شاء. كما:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: * (قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء) *:
يصنع ما أراد ويخلق ما يشاء من بشر أو غير بشر: أي إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون، مما يشاء، وكيف يشاء، فيكون ما أراد.] القول في تأويل قوله تعالى:
* (ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل) * اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء الحجاز والمدينة وبعض قراء الكوفيين: * (ويعلمه) * بالياء ردا على قوله: * (كذلك الله يخلق ما يشاء ويعلمه الكتاب) * فألحقوا الخبر في قوله: * (ويعلمه) *، بنظير الخبر في قوله: * (يخلق ما يشاء) *، وقوله:
* (فإنما يقول له كن فيكون) *. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين وبعض البصريين: ونعلمه بالنون عطفا به على قوله: * (نوحيه إليك) * كأنه قال: ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك، ونعلمه الكتاب. وقالوا: ما بعد نوحيه في صلته، إلى قوله: كن فيكون، ثم عطف بقوله: ونعلمه عليه.