وأما قوله: * (والله على كل شئ قدير) * فإنه يعني: والله قدير على معاجلتكم بالعقوبة على موالاتكم إياهم، ومظاهرتكموهم على المؤمنين، وعلى ما يشاء من الأمور كلها، لا يتعذر عليه شئ أراده، ولا يمتنع عليه شئ طلبه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد) * يعني بذلك جل ثناؤه: ويحذركم الله نفسه، في يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا موفرا، وما عملت من سوء * (تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا) *: يعني: غاية بعيدة، فإن مصيركم أيها القوم يومئذ إليه، فاحذوره على أنفسكم من ذنوبكم. وكان قتادة يقول في معنى قوله: * (محضرا) * ما:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: * (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا) * يقول موفرا.
وقد زعم أهل العربية أن معنى ذلك: واذكر يوم تجد، وقال: إن ذلك إنما جاء كذلك، لان القرآن إنما نزل للامر والذكر، كأنه قيل لهم: اذكروا كذا وكذا، لأنه في القرآن في غير موضع، واتقوا يوم كذا وحين كذا. وأما ما التي مع عملت فبمعنى الذي، ولا يجوز أن تكون جزاء لوقوع تجد عليه.
وأما قوله: * (وما عملت من سوء) * فإنه معطوف على قوله: ما الأولى، وعملت صلة بمعنى الرفع، لما قيل تود. فتأويل الكلام: يوم تجد كل نفس الذي عملت من خير محضرا، والذي عملت من سوء، تود لو أن بينها وبينه أمدا. والأمد: الغاية التي ينتهي إليها، ومنه قول الطرماح:
كل حي مستكمل عدة * العمر ومود إذا انقضى أمده