القول في تأويل قوله تعالى: * (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) * يعني جل ثناؤه: إن شبه عيسى في خلقي إياه من غير فحل - فأخبر به يا محمد الوفد من نصارى نجران - عندي كشبه آدم الذي خلقته من تراب، ثم قلت له كن فكان، من غير فحل، ولا ذكر، ولا أنثى. يقول: فليس خلقي عيسى من أمه من غير فحل، بأعجب من خلقي آدم من غير ذكر ولا أنثى، فكان لحما، يقول: وأمري إذ أمرته أن يكون فكان، فكذلك خلقي عيسى أمرته أن يكون فكان.
وذكر أهل التأويل أن الله عز وجل أنزل هذه الآية احتجاجا لنبيه (ص) على الوفد من نصارى نجران الذين حاجوه في عيسى. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن عامر، قال: كان أهل نجران أعظم قوم من النصارى في عيسى قولا، فكانوا يجادلون النبي (ص)، فأنزل الله عز وجل هذه الآية في سورة آل عمران: * (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) * إلى قوله: * (فنجعل لعنة الله على الكاذبين) *.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: * (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) *، وذلك أن رهطا من أهل نجران قدموا على محمد (ص)، وكان فيهم السيد والعاقب، فقالوا لمحمد: ما شأنك تذكر صاحبنا؟ فقال: من هو؟ قالوا: عيسى، تزعم أنه عبد الله، فقال محمد: أجل إنه عبد الله. قالوا له: فهل رأيت مثل عيسى، أو أنبئت به؟ ثم خرجوا من عنده، فجاءه جبريل (ص) بأمر ربنا السميع العليم، فقال: قل لهم إذا أتوك: * (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم) *... إلى آخر الآية.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: * (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) *: ذكر لنا أن سيدي أهل