ثم اختلفت القراءة في قراءة قوله: * (قال أعلم أن الله) *. فقرأه بعضهم: قال اعلم على معنى الامر بوصل الألف من اعلم، وجزم الميم منها. وهي قراءة عامة قراء أهل الكوفة، ويذكرون أنها في قراءة عبد الله: قيل اعلم على وجه الامر من الله للذي أحيى بعد مماته، فأمر بالنظر إلى ما يحييه الله بعد مماته. وكذلك روي عن ابن عباس.
حدثني أحمد بن يوسف الثعلبي، قال: ثنا القاسم بن سلام، قال: ثني حجاج، عن هارون، قال: هي في قراءة عبد الله: قيل اعلم أن الله على وجه الامر.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه - أحسبه، شك أبو جعفر الطبري - سمعت ابن عباس يقرأ: فلما تبين له قال اعلم قال: إنما قيل ذلك له.
حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قال: ذكر لنا والله أعلم أنه قيل له انظر! فجعل ينظر إلى العظام كيف يتواصل بعضها إلى بعض وذلك بعينيه، فقيل: اعلم أن الله على كل شئ قدير.
فعلى هذا القول تأويل ذلك: فلما تبين له ما تبين من أمر الله وقدرته، قال الله له: اعلم الآن أن الله على كل شئ قدير. ولو صرف متأول قوله: قال اعلم وقد قرأه على وجه الامر إلى أنه من قبل المخبر عنه بما اقتص في هذه الآية من قصته كان وجها صحيحا، وكان ذلك كما يقول القائل: اعلم أن قد كان كذا وكذا، على وجه الامر منه لغيره وهو يعني به نفسه.
وقرأ ذلك آخرون: * (قال أعلم) * على وجه الخبر عن نفسه للمتكلم به بهمز ألف أعلم وقطعها ورفع الميم. بمعنى: فلما تبين له ما تبين من قدرة الله وعظيم سلطانه بمعاينته ما عاينه، قال أليس ذلك: أعلم الآن أنا أن الله على كل شئ قدير. وبذلك قرأ عامة أهل المدينة وبعض قراء أهل العراق، وبذلك من التأويل تأوله جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عمن لا يتهم، عن وهب بن منبه، قال: لما عاين من قدرة الله ما عاين، قال: * (أعلم أن الله على كل شئ قدير) *.