القول في تأويل قوله تعالى: * (واعلموا أن الله غني حميد) *.
يعني بذلك جل ثناؤه: واعلموا أيها الناس أن الله عز وجل غني عن صدقاتكم وعن غيرها، وإنما أمركم بها، وفرضها في أموالكم، رحمة منه لكم ليغني بها عائلكم، ويقوي بها ضعيفكم، ويجزل لكم عليها في الآخرة مثوبتكم، لا من حاجة به فيها إليكم.
ويعني بقوله: * (حميد) * أنه محمود عند خلقه بما أولاهم من نعمه، وبسط لهم من فضله.
كما:
حدثني الحسين بن عمرو بن محمد العنقزي، قال: ثنا أبي، عن أسباط، عن السدي، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب في قوله: * (والله غني حميد) * عن صدقاتكم.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم) * يعني بذلك تعالى ذكره: الشيطان يعدكم أيها الناس - بالصدقة وأدائكم الزكاة الواجبة عليكم في أموالكم - أن تفتقروا، * (ويأمركم بالفحشاء) * يعني: ويأمركم بمعاصي الله عز وجل، وترك طاعته * (والله يعدكم مغفرة منه) * يعني أن الله عز وجل يعدكم أيها المؤمنون، أن يستر عليكم فحشاءكم بصفحه لكم عن عقوبتكم عليها، فيغفر لكم ذنوبكم بالصدقة التي تتصدقون. * (وفضلا) * يعني: ويعدكم أن يخلف عليكم من صدقتكم، فيتفضل عليكم من عطاياه ويسبغ عليكم في أرزاقكم.] كما:
حدثنا محمد بن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: اثنان من الله، واثنان من الشيطان، الشيطان يعدكم الفقر يقول: لا تنفق مالك، وأمسكه عليك، فإنك تحتاج إليه، ويأمركم بالفحشاء، والله يعدكم مغفرة منه على هذه المعاصي وفضلا في الرزق.