عن ابن عباس، قوله: * (وعملوا الصالحات) * يقول: أدوا فرائضي، فيوفيهم أجورهم، يقول: فيعطيهم جزاء أعمالهم الصالحة كاملا لا يبخسون منه شيئا ولا ينقصونه.
وأما قوله: * (والله لا يحب الظالمين) * فإنه يعني: والله لا يحب من ظلم غيره حقا له، أو وضع شيئا في غير موضعه. فنفى جل ثناؤه عن نفسه بذلك أن يظلم عباده، فيجازي المسئ ممن كفر جزاء المحسنين ممن آمن به، أو يجازي المحسن ممن آمن به واتبع أمره وانتهى عما نهاه عنه فأطاعه، جزاء المسيئين ممن كفر به وكذب رسله وخالف أمره ونهيه، فقال: إني لا أحب الظالمين، فكيف أظلم خلقي.
وهذا القول من الله تعالى ذكره، وإن كان خرج مخرج الخبر، كأنه وعيد منه للكافرين به وبرسله، ووعد منه للمؤمنين به وبرسله، لأنه أعلم الفريقين جميعا أنه لا يبخس هذا المؤمن حقه، ولا يظلم كرامته، فيضعها فيمن كفر به، وخالف أمره ونهيه، فيكون لها بوضعها في غير أهلها ظالما. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم) * يعني بقوله جل ثناؤه: ذلك هذه الانباء التي أنبأ بها نبيه عن عيسى وأمه مريم، وأمها حنة، وزكريا وابنه يحيى، وما قص من أمر الحواريين، واليهود من بني إسرائيل، نتلوها عليك يا محمد، يقول: نقرؤها عليك يا محمد، على لسان جبريل (ص)، بوحيناها إليك * (من الآيات) * يقول: من العبر والحجج، على من حاجك من وفد نصارى نجران ويهود بني إسرائيل، الذين كذبوك، وكذبوا ما جئتهم به من الحق من عندي. * (والذكر) * يعني:
والقرآن * (الحكيم) * يعني: ذي الحكمة الفاصلة بين الحق والباطل، وبينك وبين ناسبي المسيح إلى غير نسبه. كما:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: * (ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم) * القاطع الفاصل الحق، الذي لم يخلطه الباطل من الخبر عن عيسى، وعما اختلفوا فيه من أمره، فلا تقبلن خبرا غيره.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك: * (ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم) * قال: القرآن.
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي، عن ابن عباس قوله: * (والذكر) * يقول: القرآن الحكيم الذي قد كمل في حكمته.