والإنجيل الذي أتاه عيسى. * (لا نفرق بين أحد منهم) * يقول: لا نصدق بعضهم ونكذب بعضهم، ولا نؤمن ببعضهم ونكفر ببعضهم، كما كفرت اليهود والنصارى ببعض أنبياء الله، وصدقت بعضا، ولكنا نؤمن بجميعهم، ونصدقهم. * (ونحن له مسلمون) * يعني: ونحن ندين لله بالاسلام، لا ندين غيره، بل نتبرأ إليه من كل دين سواه، ومن كل ملة غيره. ويعني بقوله: * (ونحن له مسلمون) *: ونحن له منقادون بالطاعة، متذللون بالعبودية، مقرون له بالألوهة والربوبية، وأنه لا إله غيره. وقد ذكرنا الرواية بمعنى ما قلنا في ذلك فيما مضى، وكرهنا إعادته. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) * يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يطلب دينا غير دين الاسلام ليدين به، فلن يقبل الله منه، * (وهو في الآخرة من الخاسرين) *، يقول: من الباخسين أنفسهم حظوظها من رحمة الله عز وجل. وذكر أن أهل كل ملة ادعوا أنهم هم المسلمون لما نزلت هذه الآية، فأمرهم الله بالحج إن كانوا صادقين، لان من سنة الاسلام الحج، فامتنعوا، فأدحض الله بذلك حجتهم. ذكر الخبر بذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، قال: زعم عكرمة: * (ومن يبتغ غير الاسلام دينا) * فقالت الملل: نحن المسلمون، فأنزل الله عز وجل: * (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) * فحج المسلمون، وقعد الكفار.
حدثنا المثنى، قال: ثنا القعنبي، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن عكرمة، قال: * (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه) * قالت اليهود: فنحن المسلمون، فأنزل الله عز وجل لنبيه (ص) يحجهم أن * (لله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) *.
حدثني يونس، قال: أخبرنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن عكرمة، قال:
لما نزلت: * (ومن يبتغ غير الاسلام دينا) *... إلى آخر الآية، قالت اليهود: فنحن مسلمون، قال الله عز وجل لنبيه (ص): قل لهم: إن * (لله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر) * من أهل الملل * (فإن الله غني عن العالمين) *.