يعني مصيركم يوم القيامة، * (فأحكم بينكم) * يقول: فأقضي حينئذ بين جميعكم في أمر عيسى بالحق فيما كنتم فيه تختلفون من أمره. وهذا من الكلام الذي صرف من الخبر عن الغائب إلى المخاطبة، وذلك أن قوله: * (ثم إلي مرجعكم) * إنما قصد به الخبر عن متبعي عيسى والكافرين به.
وتأويل الكلام: وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة، ثم إلي مرجع الفريقين: الذين اتبعوك، والذين كفروا بك، فأحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون.
ولكن رد الكلام إلى الخطاب لسوق القول على سبيل ما ذكرنا من الكلام الذي يخرج عل وجه الحكاية، كما قال: * (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة) *. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين ئ وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم والله لا يحب الظالمين) * يعني بقوله جل ثناؤه: * (فأما الذين كفروا) *: فأما الذين جحدوا نبوتك يا عيسى، وخالفوا ملتك، وكذبوا بما جئتهم به من الحق، وقالوا فيك الباطل، وأضافوك إلى غير الذي ينبغي أن يضيفوك إليه من اليهود والنصارى، وسائر أصناف الأديان، فإني أعذبهم عذابا شديدا، أما في الدنيا فبالقتل والسباء والذلة والمسكنة، وأما في الآخرة، فبنار جهنم خالدين فيها أبدا. * (وما لهم من ناصرين) * يقول: وما لهم من عذاب الله مانع، ولا عن أليم عقابه لهم دافع بقوة ولا شفاعة، لأنه العزيز ذو الانتقام.
وأما قوله: * (وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات) * فإنه يعني تعالى ذكره: وأما الذين آمنوا بك يا عيسى، يقول: صدقوك فأقروا بنبوتك، وبما جئتهم به من الحق من عندي، ودانوا بالاسلام الذي بعثتك به، وعملوا بما فرضت من فرائضي على لسانك، وشرعت من شرائعي، وسننت من سنني.
كما: حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن علي،