بحدودها، وأدوها بسننها، وآتوا الزكاة المفروضة عليهم في أموالهم، بعد الذي سلف منهم من أكل الربا، قبل مجئ الموعظة فيه من عند ربهم، لهم أجرهم، يعني ثواب ذلك من أعمالهم وإيمانهم وصدقتهم عند ربهم يوم حاجتهم إليه في معادهم، ولا خوف عليهم يومئذ من عقابه على ما كان سلف منهم في جاهليتهم وكفرهم قبل مجيئهم موعظة من ربهم من أكل ما كانوا أكلوا من الربا بما كان من إنابتهم، وتوبتهم إلى الله عز وجل من ذلك عند مجيئهم الموعظة ربهم، وتصديقهم بوعد الله ووعيده، ولا هم يحزنون على تركهم ما كانوا تركوا في الدنيا من أكل الربا والعمل به إذا عاينوا جزيل ثواب الله تبارك وتعالى، وهم على تركهم ما تركوا من ذلك في الدنيا ابتغاء رضوانه في الآخرة، فوصلوا إلى ما وعدوا على تركه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين) * يعني جل ثناؤه بذلك: يا أيها الذين آمنوا صدقوا بالله وبرسوله، اتقوا الله، يقول:
خافوا الله على أنفسكم فاتقوه بطاعته فيما أمركم به، والانتهاء عما نهاكم عنه، وذروا، يعني ودعوا ما بقي من الربا، يقول: اتركوا طلب ما بقي لكم من فضل على رؤوس أموالكم التي كانت لكم قبل أن تربوا عليها إن كنتم مؤمنين، يقول: إن كنتم محققين إيمانكم قولا، وتصديقكم بألسنتكم بأفعالكم. وذكر أن هذه الآية نزلت في قوم أسلموا، ولهم على قوم أموال من ربا كانوا أربوه عليهم، فكانوا قد قبضوا بعضه منهم، وبقي بعض، فعفا الله جل ثناؤه لهم عما كانوا قد قبضوه قبل نزول هذه الآية، وحرم عليهم اقتضاء ما بقي منه. ذكر من قال ذلك:
حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي:
* (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا) * إلى: * (ولا تظلمون) * قال: نزلت هذه الآية في العباس بن عبد المطلب ورجل من بني المغيرة كانا شريكين في الجاهلية، سلفا في الربا إلى أناس من ثقيف من بني عمرو، وهم بنو عمرو بن عمير، فجاء الاسلام ولهما أموال عظيمة في الربا، فأنزل الله * (ذروا ما بقي) * من فضل كان في الجاهلية * (من الربا) *.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج قوله:
* (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين) * قال: كانت ثقيف قد صالحت النبي (ص) على أن ما لهم من ربا على الناس، وما كان للناس عليهم من ربا فهو