كان عاصم يقرؤها: * (بما كنتم تعلمون الكتاب) * قال: القرآن، * (وبما كنتم تدرسون) * قال: الفقه.
فمعنى الآية: ولكن يقول لهم: كونوا أيها الناس سادة الناس وقادتهم في أمر دينهم ودنياهم، ربانيين بتعليمكم إياهم كتاب الله، وما فيه من حلال وحرام، وفرض وندب، وسائر ما حواه من معاني أمور دينهم، وبتلاوتكم إياه ودراستكموه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون) * اختلفت القراء في قراءة قوله: * (ولا يأمركم) *، فقرأته عامة قراء الحجاز والمدينة:
ولا يأمركم على وجه الابتداء من الله بالخبر عن النبي (ص) أنه لا يأمركم أيها الناس أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا. واستشهد قارئو ذلك كذلك بقراءة ذكروها عن ابن مسعود أنه كان يقرؤها وهي: ولن يأمركم فاستدلوا بدخول لن على انقطاع الكلام عما قبله، وابتداء خبر مستأنف. قالوا: فلما صير مكان لن في قراءتنا لا وجبت قراءته بالرفع.
وقرأه بعض الكوفيين والبصريين: * (ولا يأمركم) * بنصب الراء عطفا على قوله: * (ثم يقول للناس) *. وكان تأويله عندهم: ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب، ثم يقول للناس ولا أن يأمركم، بمعنى: ولا كان له أن يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا.
وأولى القراءتين بالصواب في ذلك: * (ولا يأمركم) * بالنصب على الاتصال بالذي قبله، بتأول: * (ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله) * ولا أن يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا. لان الآية نزلت في سبب القوم الذين قالوا لرسول الله (ص): أتريد أن نعبدك؟ فأخبرهم الله جل ثناؤه أنه ليس لنبيه (ص) أن يدعو الناس إلى عبادة نفسه، ولا إلى اتخاذ الملائكة والنبيين أربابا، ولكن الذي له أن يدعوهم إلى أن يكونوا ربانيين. فأما الذي ادعى من قرأ ذلك رفعا أنه في قراءة عبد الله: ولن يأمركم استشهادا لصحة قراءته بالرفع، فذلك خبر غير صحيح سنده، وإنما