عامر وحر مائة عام، لم تتغير ولم تنتقص شيئا، وقد نحل جسم إرميا من البلى، فأنبت الله له لحما جديدا، ونشز عظامه وهو ينظر، فقال له الله: * (انظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شئ قدير) *.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا عبد الصمد بن معقل أنه سمع وهب بن منبه يقول في قوله: * (أنى يحيي هذه الله بعد موتها) * إن إرميا لما خرب بيت المقدس وحرقت الكتب، وقف في ناحية الجبل، فقال: * (أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام) * ثم رد الله من رد من بني إسرائيل على رأس سبعين سنة من حين أماته يعمرونها ثلاثين سنة تمام المائة، فلما ذهبت المائة رد الله روحه وقد عمرت على حالها الأولى، فجعل ينظر إلى العظام كيف تلتام بعضها إلى بعض، ثم نظر إلى العظام كيف تكسى عصبا ولحما. * (فلما تبين) * له ذلك * (قال أعلم أن الله على كل شئ قدير) * فقال الله تعالى ذكره: * (انظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه) * قال: فكان طعامه تينا في مكتل، وقلة فيها ماء.
حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها) * وذلك أن عزيرا مر جائيا من الشام على حمار له معه عصير وعنب وتين، فلما مر بالقرية فرآها، وقف عليها وقلب يده وقال: كيف يحيي هذه الله بعد موتها؟ ليس تكذيبا منه وشكا. فأماته الله وأمات حماره، فهلكا ومر عليهما مائة سنة. ثم إن الله أحيى عزيرا فقال له: كم لبثت؟ قال له: لبثت يوما أو بعض. قيل له: بل لبثت مائة عام، فانظر إلى طعامك من التين والعنب، وشرابك من العصير * (لم يتسنه) *...
الآية.
القول في تأويل قوله تعالى: * (ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام) *.