فتأويل الكلام: يؤتي الله إصابة الصواب في القول والفعل من يشاء، ومن يؤته الله ذلك فقد آتاه خيرا كثيرا.
القول في تأويل قوله تعالى: وما يذكر إلا أولوا الألباب.
يعني بذلك جل ثناؤه: وما يتعظ بما وعظ به ربه في هذه الآيات التي وعظ فيها المنفقين أموالهم بما وعظ به غيرهم فيها، وفي غيرها من آي كتابه، فيذكر وعده ووعيده فيها، فينزجر عما زجره عنه ربه، ويطيعه فيما أمره به، إلا أولوا الألباب، يعني: إلا أولوا العقول الذين عقلوا عن الله عز وجل أمره ونهيه. فأخبر جل ثناؤه أن المواعظ غير نافعة إلا أولي الحجا والحلوم، وأن الذكرى غير ناهية إلا أهل النهى والعقول. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه وما للظالمين من أنصار) * يعني بذلك جل ثناؤه: وأي نفقة أنفقتم، يعني أي صدقة تصدقتم، أو أي نذر نذرتم يعني بالنذر: ما أوجبه المرء على نفسه تبررا في طاعة الله، وتقربا به إليه، من صدقة أو عمل خير، فان الله يعلمه أي أن جميع ذلك بعلم الله، لا يعزب عنه منه شئ، ولا يخفى عليه منه قليل ولا كثير، ولكنه يحصيه أيها الناس عليكم حتى يجازيكم جميعكم على جميع ذلك، فمن كانت نفقته منكم وصدقته ونذره ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من نفسه، جازاه بالذي وعده من التضعيف ومن كانت نفقته وصدقته رياء الناس ونذروه للشيطان جازاه بالذي أوعده من العقاب وأليم العذاب. كالذي:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل: وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فان الله يعلمه ويحصيه.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
ثم أوعد جل ثناؤه من كانت نفقته رياء ونذوره طاعة للشيطان، فقال: وما للظالمين من أنصار يعني: وما لمن أنفق ماله رياء الناس وفي معصية الله، وكانت نذوره للشيطان