حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي:
* (فإن كان الذي عليه الحق سفيها) * أما السفيه: فهو الصغير.
حدثني يحيى بن أبي طالب، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله: * (فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا) * قال: هو الصبي الصغير، * (فليملل وليه بالعدل) *.
وأولى التأويلين بالآية، تأويل من قال: السفيه في هذا الموضع: الجاهل بالاملاء وموضع صواب ذلك من خطئه، لما قد بينا قبل من أن معنى السفه في كلام العرب:
الجهل.
وقد يدخل في قوله: * (فإن كان الذي عليه الحق سفيها) * كل جاهل بصواب ما يمل من خطئه من صغير وكبير، وذكر وأنثى. غير أن الذي هو أولى بظاهر الآية أن يكون مرادا بها كل جاهل بموضع خطأ ما يمل وصوابه من بالغي الرجال الذين لا يولى عليهم، والنساء، لأنه جل ذكره ابتدأ الآية بقوله: * (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى) * والصبي ومن يولى عليه لا يجوز مداينته، وأن الله عز وجل قد استثنى من الذين أمرهم بإملال كتاب الدين مع السفيه الضعيف ومن لا يستطيع إملاله، ففي فصله جل ثناؤه الضعيف من السفيه ومن لا يستطيع إملاء الكتاب في الصفة التي وصف بها كل واحد منهم ما أنبأ عن أن كل واحد من الأصناف الثلاثة الذين بين الله صفاتهم غير الصنفين الآخرين.
وإذا كان ذلك كذلك، كان معلوما أن الموصوف بالسفه منهم دون الضعف هو ذو القوة على الاملال، غير أنه وضع عنه فرض الاملال بجهله بموضع صواب ذلك من خطئه، وأن الموصوف بالضعف منهم هو العاجز عن إملاله وإن كان شديدا رشيدا إما لعي لسانه أو خرس به، وأن الموصوف بأنه لا يستطيع أن يمل هو الممنوع من إملاله، إما بالحبس الذي لا يقدر معه على حضور الكاتب الذي يكتب الكتاب فيمل عليه، وإما لغيبته عن موضع الاملال فهو غير قادر من أجل غيبته عن إملال الكتاب. فوضع الله عنهم فرض إملال ذلك للعلل التي وصفنا إذا كانت بهم، وعذرهم بترك الاملال من أجلها، وأمر عند سقوط فرض ذلك عليهم ولي الحق بإملاله فقال: * (فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل) * يعني ولي الحق.
ولا وجه لقول من زعم أن السفيه في هذا الموضع هو الصغير، وأن الضعيف هو