قوله: * (ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله) * قالا: إذا لم يجدوا كاتبا فدعيت فلا تأب أن تكتب لهم.
ذكر من قال هي منسوخة. قد ذكرنا جماعة ممن قال: كل ما في هذه الآية من الامر بالكتابة والاشهاد والرهن منسوخ بالآية التي في آخرها، وأذكر قول من تركنا ذكره هنالك ببعض المعاني:
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك: * (ولا يأب كاتب) * قال: كانت عزيمة فنسختها: * (ولا يضار كاتب ولا شهيد) *.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: * (وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله) * فكان هذا واجبا على الكتاب.
وقال آخرون: هو على الوجوب، ولكنه واجب على الكاتب في حال فراغه. ذكر من قال ذلك:
حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي قوله:
* (وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله) * يقول: لا يأب كاتب أن يكتب إن كان فارغا.
(والصواب من القول في ذلك عندنا، أن الله عز وجل أمر المتداينين إلى أجل مسمى باكتتاب كتب الدين بينهم، وأمر الكاتب أن يكتب ذلك بينهم بالعدل، وأمر الله فرض لازم، إلا أن تقوم حجة بأنه إرشاد وندب. ولا دلالة تدل على أن أمره جل ثناؤه باكتتاب الكتب في ذلك، وأن تقدمه إلى الكاتب أن لا يأبى كتابة ذلك ندب وإرشاد، فذلك فرض عليهم لا يسعهم تضييعه، ومن ضيعه منهم كان حرجا بتضييعه.) ولا وجه لاعتلال من اعتل بأن الامر بذلك منسوخ بقوله: * (فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته) * لان ذلك إنما أذن الله تعالى ذكره به، حيث لا سبيل إلى الكتاب، أو إلى الكاتب فأما والكتاب والكاتب موجودان، فالفرض إذا كان الدين إلى أجل مسمى ما أمر الله تعالى ذكره به في قوله: * (فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن