3 المسألة لماذا؟
إن أول ما يطرح نفسه هنا هو: نحن نعلم أن الله سبحانه يعلم بكل شئ، فهو الحاضر في كل زمان ومكان، الناظر لكل شئ من نية أو عمل، فما الحاجة إلى مسألة الرسل والأمم عامة وبدون استثناء؟!
الجواب على هذا السؤال واضح، لأن السؤال لو كان للاستعلام والاستفهام، وبهدف الوقوف على الحقيقة لم يصح أن يقع من العالم العارف.
وأما إذا كان المقصود منه هو إلفات الشخص إلى ما عمله، أو إتمام الحجة عليه، أو ما أشبه ذلك، لم يكن في ذلك بأس ولا ضير، إذ يشبه ذلك تماما ما لو أسدينا إلى أحد خدمات كثيرة وقابلنا بالإساءة والخيانة، وكان كل ذلك معلوما معروفا عندنا، ومع ذلك فإننا نسائله ونقول: ألسنا قد أسدينا إليك كذا وكذا من الخدمة؟ فهل كان هذا جزاء الإحسان إليك؟؟
إن مثل هذه المسألة ليست لاكتساب العلم، واكتشاف الحقيقة المجهولة، بل هي لتفهيم الطرف الآخر وإيقافه على الحقيقة، أو أنه لتثمين خدمة قام بها أحد المسؤولين وتشجيعه، فنسأله: ماذا فعلت في هذه السفرة التي كلفت فيها بمهمة؟
مع أننا نعرف من قبل بتفاصيل عمله.
3 التوفيق بين آيات المسألة في القرآن:
قد يظن أن الآيات المطروحة هنا على بساط البحث، والتي تصرح بكل تأكيد بأن الله يسأل الجميع عما فعلوه وارتكبوه، تنافي بعض الآيات القرآنية الأخرى في هذا الصعيد مثلما ما جاء في سورة الرحمان: فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان... يعرف المجرمون بسيماهم... (1).
وكذا الآيات الأخرى التي تنفي السؤال؟