3 ما هو ميزان الأعمال يوم القيامة؟
لقد وقع كلام كثير بين المفسرين والمتكلمين حول كيفية وزن الأعمال يوم القيامة، وحيث أن البعض تصور أن وزن الأعمال وميزانها في يوم القيامة يشبه الوزن والميزان المتعارف في هذه الحياة، ومن جانب آخر لم يكن للأعمال البشرية وزن، وخفة وثقل يمكن أن يعرف بالميزان، لهذا لابد من حل هذه المشكلة عن طريق فكرة تجسم الأعمال، أو عن طريق أن الأشخاص أنفسهم يوزنون بدل أعمالهم في ذلك اليوم.
حتى أنه روي عن " عبيد بن عمير " أنه قال: " يؤتى بالرجل الطويل العظيم فلا يزن جناح بعوضة " إشارة إلى أن أولئك الأشخاص كانوا في الظاهر أصحاب شخصيات كبيرة، وأما في الباطن فلم يكونوا بشئ (1) ولكن لو تركنا مسألة المقارنة والمقايسة بين الحياة في ذلك العالم والحياة في هذا العالم، وعلمنا بأن كل شئ في تلك الحياة يختلف عما عليه في حياتنا هذه، تماما مثلما تختلف أوضاع الفترة الجنينية عن أوضاع الحياة الدنيا، وعلمنا - أيضا - أنه ليس من الصحيح أن نبحث - في فهم معاني الألفاظ - عن المصاديق الحاضرة والمعينة دائما، بل لابد أن ندرس المفاهيم من حيث النتائج، اتضحت وانحلت مشكلة " وزن الأعمال في يوم القيامة ".
وتوضيح الأمر هو: أننا لو كنا نتلفظ فيما مضى من الزمن بلفظ المصباح كان يتبادر إلى ذهننا صورة وعاء خاص فيه شئ من الزيت، ونصب فيه فتيل من القطن. وربما أيضا تصورنا زجاجة وضعت على النار لتحفظها من الانطفاء بسبب الرياح، على حين يتبادر من لفظ المصباح إلى ذهننا اليوم جهاز خاص لامكان فيه للزيت، ولا للفتيل أما ما يجمع بين مصباح الأمس ومصباح اليوم، هو