سجود الملائكة لآدم).
في الآية اللاحقة يقول تعالى: أنه أخذ إبليس على عصيانه وطغيانه، وقال ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك. فتذرع - في مقام الجواب - بعذر غير وجيه إذ: قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين.
وكأن إبليس كان يتصور أن النار أفضل من التراب، وهذه هي أكبر غلطاته وأخطائه، ولعله لم يقل ذلك عن خطأ والتباس، بل كذب عن وعي وفهم، لأننا نعلم أن التراب مصدر أنواع البركات، ومنبع جميع المواد الحياتية، وأهم وسيلة لمواصلة الموجودات الحية حياتها، على حين أن الأمر بالنسبة إلى النار ليس على هذا الشكل.
صحيح أن النار أحد عوامل التجزئة والتركيب في الكائنات الموجودة في هذا الكون، ولكن الدور الأصلي والأساسي هو للمواد الموجودة في التراب، وتعد النار وسيلة لتكميلها فقط.
وصحيح أيضا أن الكرة الأرضية انفصلت - في بداية أمرها - عن الشمس، وكانت على هيئة كرة نارية فبردت تدريجا، ولكن يجب أن نعلم أن الأرض ما دامت مشتعلة، وحارة لم يكن عليها أي كائن حي، وإنما ظهرت الحياة على سطح هذا الكرة عندما حل التراب والطين محل النار.
هذا مضافا إلى أن أية نار ظهرت على سطح الأرض كان مصدرها مواد مستفادة من التراب، ثم إن التراب مصدر نمو الأشجار، والأشجار مصدر ظهور النار، وحتى المواد النفطية أو الدهون القابلة للاشتعال والاحتراق تعود أيضا إلى التراب أو إلى الحيوانات التي تتغذى من المواد النباتية.
على أن ميزة الإنسان - بغض النظر عن كل هذه الأمور - لم تكن في كونه من التراب، بل إن ميزته الأصلية تكمن في " الروح الإنسانية " وفي خلافته لله تعالى.
وعلى فرض أن مادة الشيطان الأصلية كانت أفضل من مادة الإنسان، فإن