3 مكافحة التفكير الطبقي:
في هذه الآية إشارة إلى واحد من احتجاجات المشركين، وهو أنهم كانوا يريدون من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقر ببعض الامتيازات لطبقة الأغنياء ويفضلهم على طبقة الفقراء، إذ كانوا يرون في جلوسهم مع الفقراء من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) منقصة لهم أي منقصة! مع أن الإسلام كان قد جاء للقضاء على مثل هذه الامتيازات الزائفة الجوفاء، كانوا يصرون على هذا الطلب في طرد أولئك عنه، غير أن القرآن رد هذا الطلب مستندا إلى أدلة حية، فيقول: ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداوة والعشي يريدون وجهه (1).
ومما يلفت النظر أن القرآن لم يشر إلى هؤلاء الأشخاص إشارة خاصة، بل اكتفى بصفتهم البارزة وهي أنهم يذكرون الله صباح مساء، أي دائما، وان ذكرهم الله هذا ليس فيه رياء، بل هو لذات الله وحده، فهم يريدونه وحده ويبحثون عنه، وليس ثمة امتياز اسمى من هذا.
يتبين من آيات قرآنية مختلفة أن هذا لم يكن أول طلب من نوعه يتقدم به هؤلاء المشركون الأغنياء المتكبرون إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل لقد تكرر اعتراضهم على النبي بشأن إجتماع الفقراء حوله، ومطالبتهم إياه بطردهم.
في الحقيقة كان هؤلاء يستندون في طلبهم ذاك إلى سنة قديمة خاطئة تقيم المرء على أساس ثروته، وكانوا يعتقدون أن المعايير الطبقية القائمة على أساس الثروة يجب أن تبقى محفوظة، ويرفضون كل دعوة تستهدف إلغاء هذه القيم والمعايير.
في سيرة النبي نوح (عليه السلام) نرى أن أشراف زمانه كانوا يقولون له: وما نراك