قوم نوح (عليه السلام) طلبوا منه ذلك قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين (1) ونظير ذلك جاء على لسان قوم صالح (2) وكذلك فعل قوم عاد مع نبيهم هود (3).
ويستفاد من سورة الإسراء أن هذا الطلب قد تكرر لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، حتى أنهم قالوا له: إننا لا نؤمن لك أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا (4).
كان الدافع إلى هذه الطلبات غير المعقولة السخرية والاستهزاء، أو الرغبة في رؤية المعجزة، وفي كلتا الحالتين كان الطلب أحمقا، إذ في الحالة الثانية يكون تحقق الطلب سببا في إبادتهم، ولا يكون ثمة مجال للاستفادة من ظهور المعجزة، وفي الحالة الأولى كان لدى الأنبياء أدلة بينة توفر - على الأقل - احتمال التصديق عند كل ناظر بصير، فكيف يمكن مع هذا الاحتمال أن يطلب أحد القضاء على نفسه، أو أن لا يأخذ المسألة مأخذ الجد، غير أن التعصب والعناد بلاء عظيم يقفان بوجه كل فكر ومنطق.
2 - إن معنى إن الحكم إلا لله واضح، أي أن كل أمر في عالم الخلق والتكوين وفي عالم الأحكام والتشريع بيد الله، وبناء على ذلك إذا كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقوم بمهمة فذلك أيضا بأمر من الله.
فإذا أحيا المسيح (عليه السلام) ميتا - مثلا - فهو بإذن الله، وكذلك كل منصب - بما في ذلك القيادة الإلهية والتحكيم والقضاء - إذا أوكل إلى أحد، فإنما هو بأمر الله تعالى.
ولكن الذي يؤسف له أن هذه الآية الواضحة استغلت على مدى التأريخ، فمرة تمسك بها الخوارج في قضية " الحكمين " التي أرادوها هم وأمثالهم في