المدارس وقفا على طبقة خاصة من الطلاب، وقبل أحدهم فيها لتوفر شروط القبول فيه، ثم فقد بعض تلك الشروط، فان طرده وإخراجه من تلك المدرسة لا مانع فيه، كذلك لو أن مدير مدرسة أعطيت له صلاحيات معينة لغرض إدارة شؤونها، فله كل الحق في الاستفادة من تلك الصلاحيات لحفظ النظام ورعاية مصالح المدرسة (فما ورد في حديث صاحب تفسير المنار عند تفسيره الآية مما يخالف هذا المعنى ناشي من الاشتباه بين الطرد الديني والطرد الحقوقي).
الآية الثانية يحذر فيها القرآن أصحاب المال والثروة من أن هذه الأمور اختبار لهم، فإذا لم يجتازوا الامتحان فعليهم أن يتحملوا العواقب المؤلمة، فالله يمتحن بعضهم ببعض: وكذلك فتنا بعضهم ببعض.
" الفتنة " تعني هنا الامتحان (1) وأي امتحان أصعب مما يمر به الأغنياء الذين كانوا قد اعتادوا لسنوات طويلة على الترفع على الطبقات الدنيا، فلا يشاركونهم أفراحهم وأتراحهم، بل حتى أنهم يبعدون قبور موتاهم عن قبورهم، أما الآن فيطلب منهم أن يتخلوا عن كل ذلك وأن يحطموا كل تلك العادات والسنن، ويكسروا القيود والسلاسل ليلتحقوا بدين طلائعه من الفقراء ومن يسمون بالطبقة الدنيا.
ثم تضيف الآية أن الأمر يصل بهؤلاء إلى أنهم ينظرون إلى المؤمنين الصادقين نظرة احتقار ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا (2)؟!
ثم تجيب الآية على المعترضين مؤكدة أن هؤلاء الأشخاص أناس شكروا نعمة التشخيص الصحيح بالعمل، كما أنهم شكروا نعمة دعوة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقبولها، فأي نعمة أكبر، وأي شكر أرفع، ولذلك رسخ الله الإيمان في قلوبهم:
أليس الله بأعلم بالشاكرين.
* * *