معاندة الأعداء وتحمل أذاهم، واعلم أن الإمدادات والألطاف الإلهية ستنزل بساحتك بموجب هذه السنة، فتنتصر في النهاية عليهم جميعا، وإن ما وصلك من أخبار الأنبياء السابقين عن مواجهتهم الشدائد والمصاعب وعن ثباتهم وصبرهم وانتصارهم في النهاية، لهو شهادة بينة لك: ولقد جاءك من نبأ المرسلين.
تشير هذه الآية - في الواقع - إلى مبدأ عام هو أن قادة المجتمع الصالحين الذين يسعون لهداية الشعوب عن طريق الدعوة إلى مبادئ وتعاليم بناءة، وبمحاربة الأفكار المنحطة والخرافات السائدة والقوانين المغلوطة في المجتمع، يواجهون معارضة شديدة من جانب فريق الانتهازيين الذين يرون في انتشار تلك التعاليم والمبادئ البناءة خطرا يتهدد مصالحهم، فلا يتركون وسيلة إلا استخدموها لترويج أهدافهم المشؤومة، ولا يتورعون حتى عن التوسل بالتكذيب والإتهام، والحصار الاجتماعي، والإيذاء والتعذيب، والسلب والنهب، والقتل، وبكل ما يخطر لهم من سلاح لمحاربة أولئك المصلحين.
إلا أن الحقيقة، بما فيها من قوة الجاذبية والعمق، وبموجب السنة الإلهية، تعمل عملها وتزيل من الطريق كل تلك الأشواك، إلا أن شرط هذا الانتصار هو الصبر والمقاومة والثبات.
تعبر هذه الآية عن السنن بعبارة " كلمات الله "، لأن الكلم والكلام في الأصل التأثير المدرك بإحدى الحاستين، السمع أو البصر، فالكلام مدرك بحاسة السمع، والكلم بحاسة البصر، وكلمته: جرحته جراحة بان تأثيرها، ثم كان توسع في إطلاق " الكلمة " على الألفاظ والمعاني وحتى على العقيدة والسلوك والسنة والتعاليم.
* * *