نفسه بالحط من قدره إلى حد السجود والخضوع لقطعة حجر أو خشب، وظلم بحق المجتمع الذي يسبب له الشرك والتشتت والتفرق والابتعاد عن روح الوحدة والتوحد.
فلا شك إذن في أن أي ظالم - وعلى الأخص أولئك الذين لظلمهم جوانب متعددة - لا يمكن أن يرى السعادة والفلاح: إنه لا يفلح الظالمون.
إن لفظة " الشرك " لم ترد صراحة في الآية، ولكن بأخذ الآيات السابقة واللاحقة لها بنظر الاعتبار التي تدور حول الشرك، يتضح أن القصد من كلمة " افتراء " هو القول بوجود شريك لله سبحانه.
ومما يلفت النظر أن القرآن يصف في خمسة عشر موضعا بعض الناس بأنهم من أظلم الناس في سياق الاستفهام: " ومن أظلم... " أو " فمن أظلم... " وعلى الرغم من أن معظم تلك الآيات تتناول الشرك وعبادة الأصنام وإنكار آيات الله، أي أنها تدور حول التوحيد، فإن بعضا آخر منها يدول حول أمور أخرى، مثل ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه (1).
وقول سبحانه ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله (2).
هنا يثار هذا السؤال: كيف يمكن أن تكون كل طائفة من هؤلاء أظلم الناس، في حين أن صفة (الأظلم) لا يمكن أن تنطبق إلا على طائفة واحدة منها؟
نقول في الجواب: كل هذه الحالات تستقي - في الحقيقة - من منبع واحد، وهو الشرك والكفر والعناد. فمنع الناس من ذكر الله في المساجد والسعي في خرابها دليل على الكفر والشرك، وكتمان الشهادة أي كتمان الحقائق المؤدي إلى حيرة الناس وضلالهم، هو معلم من معالم الشرك وإنكار وحدانية الله.
الآية التالية تشير إلى مصير المشركين يوم القيامة مبينة أنهم باعتمادهم على