وتنهار المساند التي اختاروا الاستناد عليها وجعلوها شريكة لله، وخابوا في مسعاهم وضل عنهم ما كانوا يفترون.
* * * لابد هنا من ملاحظة النقاط التالية:
1 - لا شك أن المقصود بعبارة " انظر " هو النظر بعين العقل، لا بالعين الباصرة إذا لا يمكن أن ترى مشاهد يوم القيامة رأي العين في هذه الدنيا.
2 - وقوله سبحانه وكذبوا على أنفسهم إما أن يعني أنهم خدعوا أنفسهم في الدنيا وخرجوا عن طريق الحق، وإما أن يراد منه يوم القيامة حيث يقسمون على أنهم لم يكونوا مشركين، والحقيقة أنهم بهذا يكذبون على أنفسهم، فقد كانوا مشركين فعلا.
3 - يبقى سؤال آخر، وهو أن الآية المذكورة تفيد أن المشركين ينكرون شركهم يوم القيامة مع أن ظروف يوم القيامة لا يمكن أن تسمح لأحد أن يجانب الصدق وهو يرى تلك الحقائق الحسية، كما لو كان أحد يريد أن يغطي على الشمس في رابعة النهار، ليقول كذبا: إن الدنيا ظلام، ثم إن هناك آيات أخرى تفيد بأنهم يوم القيامة يعترفون صراحة بشركهم ولا يخفون أمرا: ولا يكتمون الله حديثا (1).
يمكن أن نذكر لهذا السؤال جوابين:
أولا: ليوم القيامة مراحل، ففي المراحل الأولى يظن المشركون أنهم بالكذب يستطيعون التملص من عذاب الله الأليم، لذلك يرجعون إلى عادتهم القديمة في التوسل بالكذب، ولكن في المراحل التالية يدركون أن لا مهرب لهم أبدا،