دلت التجارب على أن ذكر أمثال هذه العبارات الجازمة والحاسمة في ختام كل بحث له أثر عميق في تحقيق الهدف النهائي.
أما الذين قالوا: إن أهل الكتاب لم يشهدوا لنبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإن الآية التي بعدها ترد عليهم وتقول: والذين أتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم أي أن معرفتهم به لا تقتصر على مبدأ ظهوره ودعوته فحسب، بل إنهم يعرفون حتى التفاصيل والخصائص وعلاماته الدقيقة أيضا، وعليه، إذا قال جمع من أهل مكة: إنهم رجعوا إلى أهل الكتاب فلم يجدوا عندهم علما بالنبي، فإنهم إما أن يكونوا قد كذبوا ولم يتحققوا من الأمر، أو أن أهل الكتاب قد أخفوا عنهم الحقائق ولم يطلعوهم عليها، وهذا الكتمان تشير إليه آيات أخرى من القرآن (لمزيد من التوضيح انظر المجلد الأول من هذا التفسير في ذيل الآية (146) من سورة البقرة).
والآية تعلن في آخر مقاطعها النتيجة النهائية: الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون أي أن الذين لا يؤمنون بالنبي - مع كل ما تحيطه من دلائل وعلامات واضحة - هم فقط أولئك الذين خسروا كل شئ في تجارة الحياة.
* * *