ولكن " الغلبة " أوسع منها وتشمل النصر على الكائنات غير العاقلة أيضا (1).
وعليه إذا كانت الآية السابقة تشير إلى شمول قدرة الله إزاء المعبودات الزائفة الأخرى وأصحاب القوة، فذلك لا يعني أنه مضطر إلى الدخول مدة في صراع مع تلك القوى كي يتغلب عليها، بل يعني أن قدرته قاهرة، وقد جاء تعبير فوق عباده لتأكيد هذا المعنى.
وعلى هذا، كيف يمكن لإنسان واع أن يعرض عن رب العالمين ويتجه إلى كائنات وأشخاص لا يملكون بذواتهم أية قدرة، وما يملكونه من قوة زهيدة إنما مصدرها الله أيضا.
ولإزالة كل وهم قد يخطر لأحدهم بأن الله قد يسئ استعمال قدرته غير المتناهية كما هو الحال في ذوي القدرة من البشر، يقول القرآن: وهو الحكيم الخبير أي أنه صاحب حكمة وكل أعماله محسوبة، لأنه خبير وعالم ولا يخطئ في استعمال قدرته أبدا.
ونقرأ في حالات " فرعون " أنه عندما هدد بقتل بني إسرائيل، قال: وإنا فوقهم قاهرون (2) أي أنه اتخذ من قدرته القاهرة - وإن تكن ضعيفة - وسيلة للظلم وغمط حقوق الآخرين، إلا أن الله الحكيم الخبير بتلك القدرة القاهرة منزه عن أن يظلم حتى أصغر مخلوقاته.
ومن نافلة القول أن تعبير فوق عباده هو التفوق في المقام لا في المكان، إذ ليس لله مكان محدد.
ومن العجيب جدا أن بعض ذوي العقول المتحجرة اتخذ من هذه الآية دليلا على تجسيم الله سبحانه، على الرغم من عدم وجود أي شك في أن هذا التعبير معنوي يدل على تفوق الله من حيث القدرة على عبيده وحتى فرعون - مع كونه