أبدا، اللهم ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا، قال: وانصرفت أم سلمة تبكى حتى انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله لبكائها، فقال لها: ما يبكيك يا أم سلمة؟ قالت بأبي أنت و أمي يا رسول الله ولم لا أبكى أنت بالمكان الذي أنت به من الله، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، تسأله ان لا يشمت بك عدوا أبدا، وان لا يردك في سوء استنقذك منه أبدا، وان لا ينزع منك صالح ما أعطاك أبدا، وان لا يكلك إلى نفسك طرفة عين أبدا؟ فقال: يا أم سلمة وما يؤمننى وانما وكل الله يونس بن متى إلى نفسه طرفة عين، فكان منه ما كان.
141 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: و " ذا النون إذ ذهب مغاضبا " يقول: من اعمال قومه " فظن أن لن نقدر عليه " يقول: ظن أن لن يعاقب بما صنع.
142 - حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما رد الله العذاب الا عن قوم يونس، فكان يونس يدعوهم إلى الاسلام فيأبون ذلك، فهم أن يدعو عليهم وكان فيهم رجلان: عابد وعالم، وكان اسم أحدهما مليخا والاخر اسمه روبيل، وكان العابد يشير على يونس بالدعاء عليهم، وكان العالم ينهاه ويقول: لا تدعن عليهم فان الله يستجيب لك، ولا يحب هلاك عباده فتقبل قول العابد ولم يقبل من العالم، فدعا عليهم فأوحى الله إليه: يأتيهم العذاب في سنة كذا في شهر كذا في يوم كذا، فلما قرب الوقت خرج يونس من بينهم مع العابد وبقى العالم فيها، فلما كان اليوم الذي نزل العذاب قال العالم لهم: يا قوم افزعوا إلى الله فلعله يرحمكم فيرد العذاب عنكم، فقالوا: كيف نصنع؟
فقال: اجتمعوا وأخرجوا إلى المفازة وفرقوا بين النساء والأولاد، وبين الإبل وأولادها، وبين البقر وأولادها، وبين الغنم وأولادها، ثم ابكوا وادعوا، فذهبوا وفعلوا ذلك وضجوا وبكوا، فرحمهم الله وصرف عنهم العذاب وفرق العذاب على الجبال، وقد كان نزل وقرب منهم، فأقبل يونس لينظر كيف أهلكهم الله فرأى الزارعين يزرعون في أرضهم فقال لهم: ما فعل قوم يونس؟ قالوا - ولم يعرفوه -: ان يونس دعا عليهم