أحدها أن الاحتجاج به من باب ترك الانكار من النبي صلى الله عليه وسلم وشرط ذلك علمه بالواقعة وجاز أن لا يكون علم بها ويدل عليه ما رواه أحمد في مسنده عن معاذ بن رفاعة عن سليم رجل من بني سلمة أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن معاذ بن جبل يأتينا بعد ما ننام ونكون في أعمالنا بالنهار فينادي بالصلاة فنخرج إليه فيطول علينا فقال له عليه السلام يا معاذ لا تكن فتانا إما أن تصلي معي وإما أن تخفف على قومك فدل على أنه كان يفعل أحد الامرين ولم يكن يجمعهما لأنه قال إما أن تصل معي أي ولا تصل بقومك وإما أن تخفف على قومك أي ولا تصل معي الوجه الثاني أن النية أمر باطن لا يطلع عليه إلا بإخبار الناوي ومن الجائز أن يكون معاذ كان يجعل صلاته معه عليه السلام بنية النفل ليتعلم سنة القراءة منه وأفعال الصلاة ثم يأتي قومه فيصلي بهم الفرض ويؤيده أيضا حديث أحمد المذكور قال بن تيمية في المنتقى وقوله عليه السلام إما أن تصلي معي وإما أن تخفف عن قومك ظاهر في منع اقتداء المفترض بالمتنفل لأنه يدل على أنه متى صلى معه امتنعت إمامته وبالاجماع لا تمتنع إمامته بصلاة النفل معه فعلم أنه أراد به صلاة الفرض وأن الذي كان يصليه معه كان ينويه نفلا وأجيب عن هذا العذر بوجهين أحدهما الاستبعاد من معاذ أن يترك فضيلة الفرض خلف النبي صلى الله عليه وسلم ويأتي به مع قومه قالوا وكيف يظن بمعاذ بعد سماعه قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة وفي لفظ للطبراني إلا التي أقيمت أن تصلى النافلة مع قيام المكتوبة ولعل صلاة واحدة مع النبي صلى الله عليه وسلم خير له من كل صلاة صلاها في عمره والثاني أنه وقع في رواية الشافعي ومن طريقه الدارقطني ثم البيهقي هي له تطوع ولهم فريضة رواها الشافعي في سننه ومسنده أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن بن جريج عن عمرو بن دينار أخبرني جابر بن عبد الله
(٦٠)