أن يقال أيضا سيما على مذاقهم إن عموم نجاسة جميع أجزاء الميتة بحيث يشمل مثل هذه الاجزاء الصغيرة من اللحم أيضا غير مسلم ثم أنه يمكن أن يستدل أيضا للشيخ رحمه الله برواية الفتح بن يزيد الجرجاني المتقدمة في هذا البحث حيث فيها الاشتراط بالجز لكن فيه بعد القدح في السند إنه قد عرفت إن النسخ فيها مختلفة ومع ذلك فهم المرام منها غير متضح ومثل هذا لا يصلح للاستدلال كما لا يخفى ثم حكم الأصحاب بالغسل في صورة القلع فبناء على عموم نجاسة الملاقي للنجس بالرطوبة والميتة نجسة وأصول هذه الأشياء ملاقية لها بالرطوبة فيجب غسلها ويدل عليه أيضا حسنة الحلبي المذكورة مع معاضدة الاحتياط ولا يذهب عليك إن الأحوط عدم الاكتفاء بغسل موضع الاتصال بل غسل جميعها بل وعلى تقدير الجز أيضا لان الرواية المذكورة المتضمنة للامر بالغسل مطلقة لا تقييد فيها بموضع الاتصال وحالة القلع هذا ثم أنه هل الحكم في القرن والظلف والحافر والسن أيضا كالحكم في الأشياء الأربعة المذكورة أي في اشتراط النشر والبري والكسر مثلا وعدمه وفي وجوب غسل موضع الاتصال على تقدير عدم الاشتراط أم لا أما الاشتراط فلم أطلع على خلاف الأصحاب فيه بل إنما نقلوا الخلاف من الشيخ في الأشياء الأربعة المذكورة والظاهر بحسب الروايات عدم الاشتراط على ما عرفت ثم غسل موضع الاتصال إن كان فيه رطوبة فلا يبعد القول بوجوبه لأجل ملاقاة الميتة النجسة بالرطوبة ولا يبعد دلالة الحسنة المذكورة أيضا عليه لان قوله (عليه السلام) في آخر الرواية فاغسله وصل فيه لا يلزم أن يكون مختصا بالشعر و نحوه مما يصلح للبس لجواز حمل الظرفية على المحمولية وحينئذ يشمل جميع ما ينفصل من الميتة سوى اللبن واللبأ المذكورين في الرواية لأنهما لا يقبلان الغسل بل مقتضى الاحتياط على ما عرفت آنفا غسل جميع هذه الأشياء لا مجرد موضع الاتصال فقط بل وفي حال النشر والبري أيضا ولو روعي في حال غسل هذه الأشياء وكذا الأربعة المتقدمة أن يدلك بحيث يزول عنها الاجزاء المتوهمة من اللحم أو الجلد لكان أقرب إلى الاحتياط سيما لأجل الصلاة فيها الثالث أنه قد يظهر من كلام ابن سينا في بعض المواضع أن السن مما تحله الحياة فكيف على هذه الحال فيه هل هو طاهر من الميتة أم لا والظاهر الطهارة للرواية الكثيرة المتقدمة المتضمنة لطهارة السن أيضا وكلام الشيخ أبي علي على تقدير صحته لا يقدح فيها إذ التعويل في الطهارة ليس على عدم حلول الحياة بل على الروايات سواء كان مما تحله الحياة أو لا فلو فرض أن السن مما تحله الحياة وورد الخبر الذي يصح التعويل عليه بطهارته لنحكم بالطهارة كيف وقد عرفت سابقا إن مناط النجاسة ليس زوال الحياة لأنه مشترك بين المذكى والمذبوح بل عدم التذكية جعله الشارع سببا للنجاسة فيجوز أن يكون سببا لنجاسة ما لا تحله الحياة وكذا يجوز أن لا يكون سببا في بعض ما تحله الحياة وهو ظاهر إذ علل الأحكام الشرعية خفية لا يجد العقل إليها سبيلا الرابع إنه هل يكون فرق بين أن يؤخذ هذه الأشياء المذكورة من الحيوان المحلل أو غيره الظاهر عدم الفرق لاطلاق الروايات الكثيرة المتقدمة من غير تقييد في موضع بالمحلل وقد نص المصنف في الذكرى على عدم الفرق وقال صاحب المعالم لا نعرف فيه خلافا إلا من العلامة (ره) فإنه فرق في البيض بين كونه من مأكول اللحم وغيره فحكم بطهارة الأول ونجاسة الثاني قال في النهاية أما بيض الجلال وما لا يؤكل لحمه مما له نفس سائلة فالأقوى فيه النجاسة وذكر نحوه في المنتهى ولا نرى لكلامه وجها ولا عرفنا له عليه موافقا انتهى وما ذكره في موضعه كما عرفت ثم إن صاحب المعالم تردد في خصوص الإنفحة من غير المحلل كالموطوء ففي طهارتها احتمالان منشأهما من كون أكثر الأخبار الدالة على طهارتها واردة بالحل أو مسوقة لبيانه ومنه استفيدت الطهارة وذلك مفقود في غير المحلل ومن عدم الدليل العام على نجاسة الميتة بحيث يتناول أمثال هذه الاجزاء كما أشرنا إليه ومقتضى الأصل هو الطهارة إلى أن يقوم الدليل ولم أقف لاحد من الأصحاب في ذلك على كلام وربما يكون إطلاقهم الحكم بالطهارة قرينة على عدم التفرقة ولا يخفى أن فرق العلامة في حكم البيض يقتضي الفرق هاهنا أيضا انتهى وفيه نظر أما أولا فلان كون أكثر الأخبار الدالة على طهارتها واردة بالحل أو مسوقة لبيانه ممنوع كيف ولم نطلع على الروايات الواردة في هذا الباب سوى ما نقلنا وفي تلك الروايات ليس الامر كذلك بل في صحيحة زرارة حكم عليها بنفي البأس وهو ليس بظاهر في الحل بل حكم في هذه الرواية بنفي البأس على أشياء أخر مما لا يصلح للاكل كالصوف والشعر والعظام وهو قرينة على أن نفي البأس باعتبار الطهارة وكذا الحال في رواية حسن بن زرارة وفي رواية يونس حكم عليها بأنها زكية وظاهر الذكي الطاهر سيما مع أنها قرنت بأشياء ليست من شأنها الاكل وكذا مرسلة الفقيه وليس في رواية الفتح أيضا ما يشعر بالحل بل اقترانها بالأشياء التي لا تؤكل قرينة على الطهارة وليس ما يشعر بالحل سوى رواية الثمالي فإن سياقها الحل وفي آخر حديث يونس أيضا حديث الاكل وعلى هذا أين يكون أكثر الاخبار واردة بالحل أو مسوقة لبيانه فحينئذ الظاهر طهارتها مطلقا كأخواتها لاطلاق الروايات سيما مع اتفاق الأصحاب بحسب الظاهر وأما ثانيا فلما مر غير مرة من أن عدم الدليل العام على نجاسة جميع أجزاء الميتة محل كلام الخاص إن طهارة البيضة المأخوذة من الميتة مطلقة أو مشروطة بشئ ظاهر الأصحاب الاطباق على اشتراطه باكتساء القشر الا على ما في المعالم وكان مستندهم ما رواه التهذيب في باب الذبايح والأطعمة والكافي في باب ما ينتفع به من الميتة في الموثق عن غياث ابن إبراهيم عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن بيضة خرجت عن أست دجاجة ميتة قال إن كانت اكتست الجلد الغليظ فلا بأس بها ولولا اتفاق الأصحاب ظاهرا لأمكن القول بعدم الاشتراط لاطلاق الأخبار الكثيرة المتقدمة مع صحة بعضها وقرب بعضها منها
(٣١٩)