أن يثبت إجماع على نجاسة ما أمسك عليه ووجوب غسله ويمكن أن يقال أيضا إن إطلاق الآية والروايات في أكل ما أمسك عليه الكلب لا ينافي عموم نجاسة ما لاقاه لأن الظاهر أن الكلام فيه الآية والروايات سوق لبيان حلية وإن ما قتله الكلب ليس ميتة وليس المنظور فيه نجاسته فإذا ورد شئ من خارج يدل على نجاسة الكلب ويلزم منها نجاسة ما لاقاه فليس بحيث يكون بينه وبين ذلك الاطلاق شايبة معارضة حتى يحتاج إلى الجمع بينهما كما لا يخفى على من له دربة بأساليب الكلام وأفانين الكتاب والسنة هذا وأما على نجاسة الخنزير فما رواه الشيخ في التهذيب في باب تطهير الثياب والكافي في باب الكلب يصيب الثوب والجسد عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال سئلته عن الرجل يصيب ثوبه خنزير فلم يغسله فذكر وهو في صلاته كيف يصنع به قال إن كان دخل في صلاته فليمض وإن لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه إلا أن يكون فيه أثر فليغسله قال وسألته عن خنزير شرب من إناء كيف يصنع به قال يغسل سبع مرات ولعل قوله (عليه السلام) إن كان دخل إلى قوله (عليه السلام) إلا أن يكون محمول على أن الملاقاة ليست بالرطوبة فيصير الحاصل إن الملاقاة إن لم يكن بالرطوبة فإن دخل في الصلاة فليمض وإن لم يدخل فلينضح وإن كانت بالرطوبة وكان فيه أثر فليغسله مطلقا سواء دخل في الصلاة أولا ويدل عليه أيضا صحيحة محمد بن مسلم المتضمنة لعدم الاكل من آنية أهل الأرض المتقدمة في بحث نجاسة الميتة وروايات كثيرة أيضا سنذكرها إنشاء الله تعالى في بحث نجاسة ما لا تحله الحياة منه وفي بحث نجاسة المسكر وما مر في باب البئر ويؤيده ما رواه التهذيب في باب تطهير الثياب من الزيادات عن علي بن محمد قال سئلته عن خنزير أصاب ثوبا وهو جاف هل يصح الصلاة فيه قبل أن يغسله قال نعم ينضحه بالماء ثم يصلي فيه فأما ما رواه التهذيب في باب الذبايح والأطعمة والكافي في باب طعام أهل الذمة من كتاب الأطعمة في الصحيح عن إسماعيل بن جابر قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ما تقول في طعام أهل الكتاب فقال لا تأكله ثم سكت هنيئة ثم قال لا تأكله ولا تتركه تقول إنه حرام ولكن تتركه تنزه عنه إن في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير ففيه إنه يجوز أن يكون المراد إن آنيتهم لما كانت مظنة أن يكون فيها الخمر ولحم الخنزير فاترك طعامهم تنزها لا إن مع العلم أيضا يترك تنزها وأنت خبير بأن هذا الحمل ليس ببعيد مع أن خبر واحد لا يصلح لمعارضته الأخبار الكثيرة المعتضدة باتفاق الأصحاب وكذا ما رواه التهذيب في باب المياه من الزيادات عن زرارة قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن جلد الخنزير يجعل دلوا يستقي به الماء قال لا بأس وروى الفقيه أيضا في باب المياه مرسلا قال وسئل الصادق (عليه السلام) عن جلد الخنزير يجعل دلوا يستقى به الماء فقال لا بأس ففيه إن في طريق التهذيب أبا زياد النهدي وحاله مجهول وطريق الفقيه مرسل ومثل هذا لا يصلح لمعارضة الأخبار الكثيرة مع صحة بعضها سيما مع انضمام ادعاء الاجماع إليها وأيضا يمكن أن يحمل كما حمله الشيخ على أنه لا بأس بأن يستقى به غير أنه لا يجوز استعمال ذلك الماء في الوضوء ولا الشرب بل يستعمل في غير ذلك من سقى الدواب والبهايم وما أشبه ذلك وفيه إنه ينافي ما تقرر عندهم من أن استعمال الميتة مطلقا حرام إلا أن يحمل على حال الضرورة وعلى هذا لا ضرورة في تخصيصه بسقي الدواب ونحوه بل يجوز أن يعم الشراب أيضا ويمكن أن يقال أيضا على قياس ما ذكر آنفا إن الماء القليل لعله لا ينجس بالملاقاة لا أن جلد الخنزير طاهر ويجوز حمله أيضا على التقية لان بعض العامة لا يجتبون الخنزير وفروعهما الظاهر أن المراد بالفروع ما يتولد منهما أي تولد بين الكلب والخنزير بأن نرى أحدهما على الاخر ويمكن أن يكون المراد أعم منه بأن يشمل المتولد من الكلب فقط والخنزير فقط أيضا ويكون الفائدة فيه الحكم بنجاسة ما لو فرض أن تولد من الكلب والخنزير ما لا يشاركهما في الاسم أو تولد من أحدهما ومن الحيوان الطاهر ثم إن ها هنا أقساما خمسة الأول المتولد بينهما مع مشاركة في الاسم لأحدهما الثاني المتولد بينهما مع المباينة في الاسم الثالث المتولد من أحدهما مع المباينة في الاسم الرابع المتولد من أحدهما ومن حيوان طاهر مع المشاركة في الاسم لأحدهما الخامس المتولد من أحدهما ومن حيوان طاهر مع المباينة لأحدهما أما الأول فالظاهر أنه لا خلاف في نجاسته ويدل عليها أيضا الروايات المذكورة لصدق الاسم من دون نزاع وأما الثاني فالظاهر من كلام المصنف (ره) في الذكرى القول بنجاسته حيث قال المتولد من الكلب والخنزير نجس في الأقوى لنجاسة أصلية وأطلق والشهيد الثاني (ره) صرح في غير موضع من كتبه على ما ذكره صاحب المعالم بنجاسته والعلامة (ره) في المنتهى حكم بنجاسته على إشكال وقال في النهاية المتولد منهما يعني الكلب والخنزير نجس لأنه بعضهما وإن لم يقع عليه اسم أحدهما على إشكال منشأ الأصالة السالمة عن معارضة النص وقال في التذكرة الحيوان المتولد منهما يحتمل نجاسته مطلقا واعتبار اسم أحدهما قال صاحب المعالم ولا يخفى قوة وجه الاشكال والتوقف في محله غير إن الخطب سهل إذ البحث فيه بمجرد الفرض انتهى ولا يخفى إن وجه الاشكال لا قوة له من جانب النجاسة والتوقف ليس في محله لان كونه بعضا منهما بعد الاستحالة وانقلاب الاسم لا تأثير له أليس كل حيوان طاهر من المني النجس مع أنه طاهر فليس ذلك بحيث يعارض أصالة الطهارة والبراءة نعم الاحتياط في التجنب عنه وأما الثالث فلم أقف على نص من الأصحاب فيه وأنت خبير بأنه يجري فيه أيضا من الكلام ما يجري في القسم الثاني والظاهر أيضا طهارته لكن الاحتياط في الاجتناب وأما الرابع فالظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب في نجاسته والروايات أيضا دالة عليها لصدق الاسم وأما الخامس ففي كلام صاحب المعالم إن كثيرا من الأصحاب قالوا بطهارته ولم ينقلوا فيه خلافا لكن في كلام العلامة في النهاية والمنتهى ما
(٣٢٣)