مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٣١٦
قال سئلته عن فارة المسك يكون مع الرجل وهو يصلي وهي معه في جيبه أو ثيابه قال لا بأس بذلك وهذا الخبر في الفقيه أيضا في باب ما يصلي فيه وهذا وإن كان مطلقا لكن على ما ذكروه من أن المطلقات في مثل هذا المقام يفيد العموم يمكن تخصيص الحكم به لأنه وإن كان بينه وبين العمومات لو كانت عموم وخصوص من وجه لكن معاضدته بالأصل يرجح تخصيص العمومات به وقد يناقش فيه بأن جواز الصلاة لا يدل على الطهارة لجواز أن يكون عفوا وفيه بعد ولا يعارض هذا بما رواه التهذيب في الباب المذكور في الصحيح عن عبد الله بن جعفر قال كتبت إليه يعني أبا محمد (عليه السلام) هل يجوز للرجل أن يصلي ومعه فارة مسك فكتب لا بأس به إذا كان ذكيا لأنه يجوز أن يكون الضمير راجعا إلى الظبي المدلول عليه بالفارة ويؤيده تذكير الضمير والمراد بكونه ذكيا كونه مذكى أي لا يكون ميتا لا أن يكون مذبوحا لشيوع إرادة ما ذكر من هذا الكلام وحينئذ لا منافاة وهذا الجواب إنما يصح من قبل من لا يقول بطهارتها إذا انفصلت من الميتة ولو رجع إلى الفارة يجوز أن يكون المراد بكونها ذكيا ما ذكرنا أيضا ويحتمل أن يكون المراد كونها طاهرة أي لم يعرضها نجاسة من خارج وهو بعيد إذ لا خصوصية لها بالفارة و ينبغي أن يكون في جواب السؤال عن حال الفارة أن يذكر ما له مزيد ربط بها كما لا يخفى فإن قلت إن لم نقل إن حمل الذكي على المذبوح أظهر من حمله على ما ليس بميت فلا أقل من مساواته له وحينئذ فينبغي الحمل عليه لان لا يلزم زيادة التخصيص في العمومات الدالة على نجاسة جميع الأجزاء المنفصلة عن الحي والميت إذ الكلام على تقدير وجودها لان زيادة التخصيص خلاف الأصل كأصله فمهما أمكن التقليل فيه لوجب قلت أما أولا فيمكن أن يقال إذا كان عام على خلاف أصل ثم وجد مخصص له احتمالان على أحدهما يلزم زيادة التخصيص من الاخر ففي هذه الصورة لا قطع بأنه يجب العمل بالعام فيما سوى ما تيقن تخصيصه إذ يجوز أن يقال أنه يجب العمل به فيما يتقن عدم تخصيصه والتكليف اليقيني في مثل هذه الصورة لا نسلم لزوم تحصيل يقين البراءة منه بل إنما يجب تحصيل يقين البراءة من القدر اليقيني منه وها هنا القدر اليقيني ما تيقن عدم تخصيصه أي ما سوى الاحتمالين المذكورين جميعا لا ما سوى الاحتمال الأخص فقط وأما ثانيا فلان فيما نحن فيه تحقق أمر يمنع من العمل بما ذكرته على تقدير تسليم وجوب العمل به لان الحمل على المذبوح وإن استلزم قلة التخصيص في العمومات لكنه يستلزم زيادته في صحيحة علي بن جعفر (عليه السلام) ولعله رعاية جانبها أقوى لمعاضدتها بالأصل مع أنك قد عرفت أن لا عموم ظاهرا فظهر إن الحكم بالطهارة فيما انفصل عن الحي لا يخلو من وجه من حيث المأخذ مع أنه لا يعرف قايل ظاهر بخلافه لكن الأحوط التجنب عنه لان حمل الذكي على المذبوح احتمال ظاهر راجح بحسب اللغة وإن لم يسلم رجحانه بحسب العرف وإن كان بعد حمله عليه أيضا كلام سيجئ في البحث الآتي الثالث ما الحال في الخلاف المذكور بين المنتهى وبين التذكرة والنهاية والذكرى فاعلم إن حجة المنتهى صحيحة عبد الله بن جعفر ووجه الاحتجاج إن الذكي أما بمعنى ما لا يعرضه النجاسة وهو بعيد كما علمت وأما بمعنى المذبوح كما وقع في كثير من الروايات بهذا المعنى وأما بمعنى غير الميت وأما بمعنى الطاهر في نفسه ولا شك إن عدم طهارة الفارة في نفسه لا وجه له إلا كونها مأخوذة من غير المذبوح حيا أو ميتا أو مأخوذة من خصوص الميت وعلى جميع تلك التقادير سوى الاحتمال الأول الغير الظاهر الذي لا يصح حمل الخبر عليه يكون المأخوذ عن الميت داخلا في الحكم فلا بد من الحكم باستثنائها من نفي البأس وفيه أنه وإن كان كذلك لكن وجود البأس في الصلاة فيها إذا انفصلت عن الميت لا يدل على نجاستها لجواز أن تكون طاهرة لكن لا يجوز الصلاة فيها باعتبار أخذها عن الميت لكن لا يخلو هذا عن إشكال حيث أنه لم يعرف قايل بطهارتها مع عدم جواز الصلاة فيها ويمكن أن يقال أيضا أنه يجوز حمل البأس على البأس التنزيهي لا التحريمي ووروده في أحاديثنا بهذا المعنى شايع جدا فالخروج عن الأصل مع تقويته بصحيحة علي بن جعفر بمجرد هذا الخبر المحتمل لما ذكر لا يخلو عن صعوبة وبالجملة لا ريب أن الاحتياط في الاجتناب عنه مطلقا سيما في عدم الصلاة معه الذي هو مورد الرواية ثم إن المنتفى نسب إلى الذكرى أنه حمل الذكي الواقع في الخبر على الطاهر ولم نجد فيها هذا (مما تحله الحياة) الظاهر أن يجعل متعلقا بالميتة وما عطف عليها أي ما قطع من الحيوان لان الحكم مقيد به فيهما جميعا عندهم فالأولى جعل الكلام شاملا لهما وها هنا مقامان الأول بيان أن ما لا تحله الحياة ماذا والثاني الدلالة على إخراجه من الحكم بالنجاسة في الميت والمقطوع من الحي أما الأول فالظاهر أنه عشرة أشياء لا يعرف من الأصحاب خلاف في طهارتها على ما في المعالم والمنتهى وهي الصوف والشعر والريش والوبر والعظم والقرن والظلف والحافر والبيض والإنفحة وأما الثاني فالدليل على طهارتها أصالة الظهارة إذ عموم دلالة نجاسة الميتة بحيث يشمل هذه الاجزاء غير ظاهر كما عرفت والاتفاق ظاهرا وعدم صدق اسم الميتة عليها لان الموت فرع الحياة لولا يخفى أنه لو كان نص يدل على أن الميتة نجسة فلا يبعد أن يقال أن الظاهر أن جميع أجزائها نجسة كما يقولون أن جميع أجزاء الكلب مثلا نجس باعتبار إنه ورد النص بنجاسة الكلب وهو ظاهر في نجاسة جميع أجزائه وكون بعض أجزائها مما لا تحمله الحياة لا يقدح فيه فالعمدة عدم وجود النص الدال على تعليق الحكم بالنجاسة على الميتة كما يقولون لا عدم حلول الحياة كيف وظاهر أن زوال الحياة ليس سببا للنجاسة وإلا لزم أن يكون الحيوان المذكى أيضا نجسا بل عدم التذكية يصير سببا لنجاسة الحيوان ولا استبعاد في أن يصير سببا لنجاسة جميع أجزائه سواء حلته الحياة أو لا وعدم وجود النص الكذائي فيه كلام كما ظهر لك مما سلف وقد نوقش أيضا في عدم حلول الحياة في العظم لقوله تعالى قل يحييها الذي إنشاءها أول مرة إذ الاحياء مستلزم للحيوة وأجيب بأن الاحياء حقيقة لصاحب العظام نسب إليها تجوز أو بدل أيضا على الحكم
(٣١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336