مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٣١٨
تحقيق إن الإنفحة أي شئ هو أعلم أن أهل اللغة اختلفوا في تفسيرها فقال الجوهري الإنفحة بكسر الهمزة وفتح الحاء مخففة كرش الحمل والجدي ما لم يأكل فإذا أكل فهو كرش وقال صاحب القاموس الإنفحة بكسر الهمزة وتشدد الحاء وقد يكسر الفاء والمنفحة والتنفحة شئ يستخرج من بطن الجدي الراضع أصفر فيعصر في صوفة في اللبن فيغلظ كالجبن وإن أكل الجدي فهو كرش ثم قال وتعبير الجوهري الإنفحة بالكرش سهو ووقع في كلام علمائنا أيضا الاختلاف في تفسيرها ففسرها ابن إدريس في السرائر بنحو ما ذكره الجواهري على ما قاله صاحب المعالم وفسرها العلامة في غير موضع من كتبه بما يوافق كلام القاموس فقال إنها لبن مستحيل في جوف السخلة ثم الظاهر تفسير العلامة لأنه يظهر من الروايات المذكورة إن الإنفحة شئ يصنع به الجبن والظاهر أن الجبن إنما يعمل من الشئ الذي في جوف السخلة مثل اللبن لا من كرشها الذي هو للحيوان بمنزلة المعدة للانسان وما في رواية الثمالي من أنها يخرج من بين فرث ودم يشعر أيضا بأنه مثل اللبن وعلى هذا فالظاهر أن الكرش محلها وعلى أي حال هل يشترط أن يكون الجدي راضعا أم لا قال المصنف في الذكرى بالثاني حيث قال الإنفحة طاهرة من الميتة والمذبوحة وإن أكلت السخلة غير اللبن وهو مشكل على التفسير الأول إذ الظاهر أن الإنفحة لو كان هو الشئ الذي يقال له الكرش فلا يطلق عليه الإنفحة بعد أن يأكل السخلة بل إنما يطلق عليه الكرش كما يظهر من الصحاح وإذا لم يطلق عليه الإنفحة فما الدليل على طهارته والتمسك بالأصل في مثل ما نحن فيه ضعيف جدا كما ظهر من المباحث السابقة وأما على التفسير الثاني فلا يخلو من وجه إذا كان بعد الاكل أيضا يبقى ذلك اللبن الأصفر ويعمل به الجبن إذ لم يظهر من اللغة إنه لا يطلق عليه بعد الاكل الإنفحة مع أن الظاهر من بعض الروايات طهارة ما يعمل به الجبن لأجل منفعة وهو لا يختص بما قبل الاكل هذا ثم إن صاحب المدارك (ره) بعدما ذكر التفسيرين المذكورين للإنفحة قال ولعل الثاني أولى اقتصارا على موضع الوفاق وإن كان مستثنيا نفس الكرش أيضا غير بعيد تمسكا بمقتضى الأصل انتهى ولا يخفى أن الحكم بأن الثاني موضع وفاق لا يخلو عن إشكال بعد ما فسر بعضهم من الفقهاء واللغويين الإنفحة بالكرش وكذا استثناء نفس الكرش أيضا تمسكا بمقتضى الأصل لما قد عرفت سابقا إن من الروايات يظهر نجاسة الميتة عموما والظاهر أنه إذا قيل إن الميتة نجسة أن يكون جميع أجزائها نجسا إلا ما أخرجه الدليل كما اعترف صاحب المدارك نفسه بأن الحكم على الكلب بالنجاسة يقتضي نجاسة جميع أجزائه لأنه داخل في مسماه ثم لو نوقش في ظهور العموم في جميع الأجزاء وفرض صحتها فإنما يصح في الاجزاء الصغيرة التي لا تعد في العرف ميتة وأما في ما هو مثل الكرش من الاجزاء الكبيرة سيما إنه مما يصلح لان ينتن الماء فمما لا وقع لها وقد مر تفصيل القول فيه فتذكر وقال صاحب المعالم بعد نقل التفسيرين المذكورين وليس لهذا الاختلاف أثر في اللبن لان احتمال غسل موضع الملاقاة للميتة على قياس ما ذكر في نحو الصوف المقلوع واحتمل في البيض إنما يأتي فيما له طاهر يقبل التطهير واللبن باعتبار ما يعنيه لا يتصور ذلك فيه فيتعين كونه بأجمعه طاهرا نعم يظهر أثر الخلاف في الجلد الذي يحويه فيمنع من الانتفاع به ويحكم بنجاسة ما يلاقيه برطوبة على التفسير الثاني وينتفي الأمران على الأول هذا وفي احتياج ظاهر الجلد إلى الغسل بتقدير طهارة ذاته احتمالان اختار أولهما والدي في بعض فوائده وتوقف في الروضة ولا نعلم من الأصحاب مصرحا بالثاني وربما كان في إطلاقهم الحكم بالطهارة إشعار به وقال الشهيد الثاني في الذكرى الأول تطهير ظاهرها من الميتة للملاقاة انتهى ولا يخفى أن نفيه تأثير الاختلاف في اللبن لعله بناء على ما نقلنا من صاحب المدارك من أن طهارة اللبن المذكور موضع وفاق وإلا فلا خفاء في طهور أثر الخلاف فيه إذ على التفسير الأول لا يلزم طهارته وأيضا الظاهر أنها ليست مايعة بحيث لا يقبل التطهير بل كأنها منجمدة يقبل ظاهرها التطهير ثم تطهير ظاهر الإنفحة بناء على التفسير الأول أو على التفسير الثاني أيضا بناء على ما ذكرنا من انجماده كأنه الأولى على ما في الذكرى لان ما يستنبط من الروايات لا يزيد على عدم نجاستها من حيث الذات وأما من حيث العارض أيضا فمشكل وأمر الاحتياط واضح الثاني أنه هل يشترط في طهارة الصوف والشعر والريش والوبر أخذها بالجزا ولا بل إذا قلعت أيضا يكون طاهرة المشهور بين الأصحاب هو الثاني لكن حكموا في صورة القلع بغسل موضع الاتصال والشيخ (ره) في النهاية ذهب إلى اشتراط الجز والظاهر هو الأول أما أولا فلان الروايات المتقدمة الدالة على طهارتها مطلقة لا تقييد فيها بالجز والأصل عدمه وأما ثانيا فلان حسنة الحلبي المتقدمة في بحث نجاسة الميتة المتضمنة للبن واللبأ وقع فيه الامر بغسل هذه الأشياء وظاهر أنه لا يجب الغسل اتفاقا مع الجز فهو يشعر بأن المراد قلعها واحتج الشيخ بأن أصولها المتصلة باللحم من جملة أجزائه وإنما يستكمل استحالتها إلى أحد المذكورات بعد تجاوزها عنه ورد أولا بالمنع لأنه يصدق على المجموع من المتصل باللحم والمتجاوز عنه اسم هذه الأشياء وهو لا يجامع كون شئ منها جزؤا من اللحم ولو فرض مجامعته إياه أيضا في الواقع بأن يكون أصولها لحما في الواقع فلا شك أنه يكفينا إطلاق اسم الأشياء المذكورة على المجموع في العرف إذ الظاهر بناء الاحكام على العرف لا الحقيقة الواقعية وهو ظاهر وثانيا بأن الاخبار مطلقة في الاخذ فالتقييد يحتاج إلى الدليل هكذا نقل في المعالم وفيه نظر لان جعل الايراد الثاني إيراد على حدة مشكل إذ لا يخلو أنه يسلم إن أصولها يطلق عليها اللحم في العرف أو لا فإن لم يسلم الجواب فهو الأول وإن سلم فلا يجدي إطلاق الاخبار لان غاية ما في الاخبار إن هذه الأشياء من الميتة طاهرة والمفروض إن أصول هذه الأشياء ليست منها فلا يتناولها الاخبار ولو فرض إنه يستفاد من الاخبار أنه كلما أخذ الشعر مثلا من الميتة فهو طاهر وهو شامل للاخذ قلعا وجزا فحينئذ أيضا للتأمل مجال لأنه على هذا يكون بينها وبين ما يدل على نجاسة لحم الميتة عموم ومن وجه ولا بد لترجيح أحد العمومين من مرجح إلا أن يقال الترجيح للطهارة لأنها الأصل ويمكن
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336