يلوح بالخلاف حيث قال في المنتهى وأما المتولد من أحدهما ومن الظاهر فالأقرب عندي فيه اعتبار الاسم وقال في النهاية الوجه عندي اعتبار الاسم وبالجملة الظاهر الطهارة لما عرفت ولا فرق في ذلك بين أن يكون تابعا في الاسم للحيوان الطاهر الذي تولد منه أو الحيوان طاهر آخر أو لا يكون تابعا لحيوان آخر أصلا بل كان حيوانا مباينا لجميع الحيوانات المعلومة الاسم والحكم فرع هل الكلب المائي والخنزير المائي نجس أم لا قال صاحب المعالم إن أكثر الأصحاب قال بطهارته وعزى في التذكرة إلى ابن إدريس المخالفة في ذلك ثم قال لا ولا يجوز حمل اللفظ على الحقيقة والمجاز بغير قرينة وكأنه إشارة إلى رد حجة ابن إدريس إذ الظاهر أن تمسكه في ذلك بصدق الاسم فجوابه منع كونه حقيقة في النوعين وإرادة الحقيقة والمجاز يتوقف على وجود القرينة وقد وقع في كلام العلامة ها هنا اختلاف في النهاية والتحرير إن لفظ الكلب حقيقة في المعهود مجاز في غيره وكلام التذكرة موافق لهما كما رأيت وذكر في المنتهى إنه مشترك بين النوعين بالاشتراك اللفظي وأنت خبير بأن رد كلام ابن إدريس على التقدير الأول واضح وأما على الثاني فيحتاج إلى ضميمة دعوى وجود القرينة على إرادة المعهود والواقع كذلك فإن قيام القرينة الحالية عليه ظاهر هذا وكلام جماعة من الأصحاب منهم الشهيد في الذكرى يوافق ما ذكره العلامة في غير المنتهى وربما يظهر من بعض المتأخرين الوفاق لما ذكره في المنتهى انتهى ولا يخفى أن الظاهر أن المتبادر من لفظة الكلب والخنزير البريان منهما وعلى هذا لا خفاء في طهارة مائيهما بناء على أصالة الطهارة والبراءة مع عدم وجود معارض لعدم شمول الروايات والاجماع المنقول له ولو سلم الاشتراك أيضا لكان الامر كذلك إذ مع تحقق الاجماع على نجاسة البري وكونه شايعا متعارفا لا يبقى شك في إرادته من الروايات ومع إرادته إرادة المعنى الاخر خلاف الظاهر بناء على أن استعمال اللفظ المشترك بين معنيين فيهما خلاف المتعارف الظاهر وإن فرض إن استعماله فيهما حقيقة وتحقيقه في الأصول ولو سلم أنه لم يعلم بالقراين إرادة البري فحينئذ أيضا إثبات نجاسة المائي مشكل إذ غاية ما يلزم أن يكون لفظة الكلب والخنزير الواقعة في الروايات مجملة ولا نسلم إن المجمل يجب حمله على جميع محتملاته بناء على أن التكليف اليقيني لا بد له من البراءة اليقينية بل غاية ما ثبت إن القدر اليقيني منه يجب امتثاله والقدر اليقيني فيما نحن فيه خصوص البري فيبقى المائي على أصل الطهارة نعم لو ثبت إن إطلاق اللفظ عليهما على سبيل الاشتراك المعنوي لثبت الحكم بنجاسة المائي أيضا لكن دون إثباته خرط القتاد ولا يذهب عليك إنه لو فرض إنه لم يظهر إن اللفظة حقيقة ومجاز فيهما أو مشترك لفظي بل حصول الاشتباه في أنه أحد الامرين المذكورين أو أنه مشترك معنوي لكان الظاهر أيضا طهارة المائي لما ظهر وجهه مما ذكر من عدم حصول اليقين أو الظن بشمول اللفظة له وما لم يحصل أحدهما لا يمكن الحكم بالنجاسة وقد يؤيد الحكم بالطهارة بما رواه التهذيب في كتاب الصيد والذبايح عن ابن أبي يعفور قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن أكل لحم الخز قال كلب الماء إن كان له ناب فلا تقربه وإلا فأقربه وجه التأييد إنه (عليه السلام) أطلق عليه أنه كلب الماء مع أنه لا شك في طهارة شعره كما تدل عليه الروايات وأيضا أمر في هذه الرواية بالقرب منه فلو كان نجسا لما كان كذلك ويمكن أن يقال لعل كلمة إن متعلقة بما قبلها فيكون المعنى إن كان له ناب فهو كلب الماء فلا تقربه وإن لم يكن له ناب فليس بكلب فأقربه وحينئذ يصير الامر في التأييد منعكسا لكن لا يخفى أن هذا الحمل بعيد هذا والاحتياط في التجنب مهما أمكن والله يعلم (وإن كان كلب صيد لم يكف الرش خلافا لابن بابويه) قال الصدوق في الفقيه في أواخر باب ما ينجس الثوب والجسد من أصاب ثوبه كلب جاف ولم يكن بكلب صيد فعليه أن يرشه بالماء وإن كان رطبا فعليه أن يغسله وإن كان كلب صيد وكان جافا فليس عليه شئ وإن كان رطبا فعليه أن يرشه انتهى ولم نقف له على مستند في هذا الفرق فالظاهر عدمه وتحقيق معنى الرش سيجئ إنشاء الله تعالى في بحث إزالة النجاسة (وينجس منهما ما لا تحله الحياة كالعظم والشعر خلافا للمرتضى) قال العلامة في المنتهى اختلف علماؤنا في شعر الكلب والخنزير فقال الأكثر إنه نجس وهو قول أكثر الجمهور وقال السيد المرتضى في المسائل الناصرية إنه طاهر سواء كانا حيين أو ميتين انتهى وقال في المعالم إنه نسب إلى المرتضى القول بطهارة ما لا تحله الحياة في مطلق نجس العين احتجوا للنجاسة بقوله تعالى أو لحم خنزير فإنه رجس والضمير عايد إلى أقرب المذكورين والرجس هو النجس والشعر كالجزء منه هكذا استدل العلامة في المنتهى وفيه ضعف من وجهين أحدهما عدم ظهور كون الضمير راجعا إلى الخنزير دون اللحم إذ مجرد هذا القدر من القرب والبعد لا نسلم أنه يصير منشأ لظهور رجع الضمير وهو ظاهر والاخر عدم تسليم كون الرجس بمعنى النجس وقد يناقش أيضا في شمول الحكم للجزء ولا يخلو عن بعد وبما وقع في بعض الروايات المتقدمة في بحث نجاستهما من إطلاق النجس على الكلب والتقريب ما تقدم آنفا من أنه جزءه وداخل في مسماه وفيه أيضا المناقشة المذكورة وبما وقع في الروايات المتقدمة أيضا من إطلاق الامر بالغسل بسبب أصابتهما وهو بظاهره يشمل الشعر وغيره بل غالب الإصابة يكون بالشعر والعجب إن صاحب المدارك (ره) ذهب إلى الحكم بالنجاسة واستدل عليه بهذين الدليلين الأخيرين وبرواية أخرى ضعيفة ولم يشر إلى ضعف في الدليل الأول ثم قال وأما الكافر فلم أقف على نص يقتضي نجاسة ما لا تحله الحياة منه فلو قيل بطهارته كان حسنا انتهى مع أن مثل الدليل الأول يجري في الكافر أيضا لان القرآن العزيز حكم عليه بالنجاسة بأبلغ وجه وآكده كما قال عز من قايل إنما المشركون نجس بحصر حالهم في النجاسة فيكون شعرهم نجسا لدخوله في مسماهم على ما قال في الكلب والخنزير من دون تفرقة أصلا إلا أن يقال لعله لم يعتمد على الدليل الأول بانفراده بناء على توهم المناقشة التي ذكرناها بل إنما اعتمد على مجموع الأدلة وفيه بعد فإن قلت لعله لم يعتمد على دلالة الآية الكريمة على النجاسة لما فيه من بعض المناقشات
(٣٢٤)